Showing posts with label Khutbah Jum'ah-Idul Fitri-Idul Adha. Show all posts
Showing posts with label Khutbah Jum'ah-Idul Fitri-Idul Adha. Show all posts
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي تفضل علينا بنعمة الهداية، هدانا سبحانه وتعالى بالتدين بهذا الدين وهذه الملة، التي جاء بها نبي هذه الأمة المرحومة، النبي الذي خصه الله تعالى من بين سائر الأنبياء بالمعجزات الباهرة، التي من بينها معجزة الإسراء والمعراج. نحمده سبحانه وتعالى ونشكره على تضاعف النعماء والآلاء. أشهد أن لا إله إلا الله وحده وأشهد أن سيدنا ومولانا محمدا عبده ورسوله لانبي بعده.
اللهم فصل وسلم وبارك على رسولك محمد الذي أيدته ونصرته على من عاداه وكاده، وعلى آله وأهل بيته الذي أذهبت عنهم الأرجاس وطهرتهم تطهيرا، وأصحابه الذين نصروا هذا الدين ونشروه فى أنحاء البلاد نشرا، وعلى أتباعهم من كل من له البشرى.
أما بعد: فيا عباد الله رحمكم الله تعالى اتقوا الله تعالى حق التقوى وأخلصوا أعمالكم لربكم كي تنالوا مرضاه فتفوزوا بالجنة المأوى، واعلموا أنه فى مثل هذا الشهر العظيم شهر رجب أسرى الله عبده محمد من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم أعرجه سبحانه إلى السموات العلى فدنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إليه ما أوحى، قال الله تعالى فى قرآنه الكريم بسم الله الرحمن الرحيم سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. أسرى الله تعالى بعبده محمد سيد المرسلين أي سيره ليلا من مسجد مكة هو المسجد الحرام الذي هو أول مسجد بناه الله تعالى وفيه الكعبة المعظمة قبلة المسلمين إلى المسجد الأقصى الذي هو البيت المقدس سماه الله تعالى الأقصى لبعده من المسجد الحرام بمسافة أربعين ليلة وهذا أبلغ فى الإعجاز حتى تكون تلك الرحلة فى مدة قليلة جدا وأراه سبحانه تعالى من آياته الكبرى، وفى تلك المدة القليلة من الليل قطع المسافات الشاسعة البعيدة من العالم السفلى إلى السموات العلى، فدنا فتدلى فقاب قوسين أو أدنى. وفى الحديث الشريف ثم أرده من العرش قبل أن يبرد الفرش وقد نال جميع المآرب. فهذه هي المعجزة الشريفة التي خصها الله تعالى من بين سائر الأنبياء زيادة تبجيل وإكرام، فطوبى لمن آمن بها ففاز وسعد وأفلح ووعده الله بالجنة دار السلام، وحشره فى زمرة السعداء ممن صدق بها وفى مقدمهم أبو بكر الصديق كما ورد فى صحيح الأخبار، لا ينكره إلا متكبر أعماه الله بصره وبصيرته فى الفجار والكفار، وهذه المعجزة من الأمور الخارقة للعادة أكرم بها من له كمال القدرة ربنا جل وعلا نبيه العظيم ورسوله الكريم محمد عليه الصلاة والتسليم. فلهذا بدأ الله تعالى آية الإسراء بكلمة سبحان دلت على التقديس والتنـزيه عن صفات النقائص دلت على التعجب والإعجاب يعرف معاني مضامن هذه الآية من له الألباب. أسرى الله تعالى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي ظهرت بركاته وما حوله بأنواع البركات الحسية والمعنوية بالثمار والأشجار والأنهار، خص الله تعالى بتلك البركات بلاد الشام، وبكونه مد الأبنياء مهبط الوحي وقبلة الأنبياء قبل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وإلي تحشر الخلائق غدا يوم القيام كما جاء فى السنة النبوية.
أيها المسلمون رحمكم الله تعالى اتقوا الله تعالى واعلموا أن نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم سيد الأنبياء لقي فى سبيل نشر دينه من الأذى والعداء والبغضاء، ما لقي من قومه وأعدائه إلا الداء، فأكرم الله فى هذه الرحلة الأرضية والسماوية التي هي حفلة إكرام وتشريف أقامها الله تعالى لحبيبه ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم فى البيت المقدس أولا، جمع الله له الأنبياء والمرسلين فكان لهم قدوة وإمام، فصلوا بصلاته فأثنوه بكل ثناء فى ذلك المقام ثم أقامه ثانيا فى السموات وجمع له ملائكة فى كل سماء، استقبلته الملائكة وحبوا به واحتفلوا بجنابه كما احتفل به فى الأرض الأنبياء. ذلك ليزيل عنه ما لاقاه من أذى قومه وليشعر محمد صلوات الله وسلامه عليه بأنه معظم عند الله ومحبوب وليس للناس كافة علو منـزلته عنده وأنه مقدم على غيره من الأنبياء والمرسلين. ومن حكمة هذا المعجزة العظيمة أن قصة الإسراء والمعراج أرتنا الإخوة القوية والمودة الصادقة بين الأنبياء والمرسلين وكل منهم يحيى الآخر بالتحيات القلبية وكلهم دعوتهم واحدة وهدفهم واحد ودستورهم واحد، ودينهم واحد وسبيلهم واحد وكلهم يدعون الناس إلى الله تعالى لابتغاء مرضاته يدعون الناس بالتنذير والبشرى لا اختلاف بينهم وكلهم يدعون الناس لسعادتهم دينا وأخرى، الإخلاص رائدهم والله مطلوبهم والسعادة مقصودهم وغرضهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون.
أيها الإخوة الأكرمون، أسعدكم الله بالتوفيق والهداية اتقوا الله واعلموا أن الإسراء والمعراج كانا قبل الهجرة بسنة ونصف من شهر رجب الأصم فى اليقظة لا فى المنام، وقد عاين صلى الله عليه وسلم فى تلك الليلة من الآيات العظام والأمور الجسام، وأنه فرض الله تعالى عليه وعلى الله خمس صلوات فى كل يوم وليلة وجعلها أشف خصال الإسلام، وجعلها ركنا من أركان الإسلام وجعلها دعامة من دعائم الإسلام. قال عليه الصلاة والسلام: الصلاة عماد الدين فمن أقامها فقد أقام الدين ومن تركها فقد هدم الدين، فأقيموا الصلاة ولازموا ذكر الله تعالى فيها مع مراعاة أركانها وشروطها وأدابها تكونوا من المفلحين، ثم اعلموا أنه كما وقعت معجزة الإسراء والمعراج فى شهر رجب أنه شهر كريم شهر عظيم وعظمته فى الجاهلية والإسلام، من الأشهر الأربعة الحرم كما نص بذلك القرآن، فأكرموا شهركم هذا بالتوبة وإكثار الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والاستغفار وبالصيام وغيره من العبادات كما جاء بذلك الأحاديث والأخبار من النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "من صام يوما فى رجب سقاه الله تعالى شرابا أحلى من العسل وأبيض من اللبن وأطيب من المسك صدق الله العظيم وصدق رسوله الكريم عليه الصلاة والتسليم، جعلنا الله وإياكم من المؤمنين الصادقين، وأسعدنا وإياكم فى الدنيا والآخرة فى زمرة الصالحين المتقين من الأنبياء والمرسلين وقل رب اغفر وارحم وأنت أرحم الراحمين.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الواحد الأحد الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، لا تدركه الأبصار ولا يحتويه الأقطار، ولا يغنيه الليل والنهار، ولا يخفى عليه الإعلان ولا الإسرار، سبحانه الواحد القهار. نحمده سبحانه وتعالى على ما أولانا بالهداية التي هي أعظم النعمة إذ بها يدخل أحد الجنة دار النعمة للأبرار، تحتها تجري الأنهار، وفواكه كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة وفرش مرفوعة للأبكار. أشهد أن لا إله إلا الله لا شريك له فى سلطانه ولا مناوى له فى علو شأنه، العزيز الذي لا يغلب ولا يذل، فكل ما سواه زائل مضمحل، يقبل تائبا ويعطي محروما ويفقر غنيا ويغني فقيرا ويهلك ظالما، ويخفض طائفة ويرفع أقواما، فيا عدل الله من إله تقدس عما لا يليق به ولا يظلم ظلما، وأشهد أن سيدنا ومولانا محمدا مخرجنا من الظلمات إلى النور، ومنقذنا من الضلال والفساد والفجور.
اللهم فصل وسلم على سيدنا وحبيبنا النبي الكريم محمد وعلى آله الطهرة من الأرجاء وأصحابه ومن تبعهم بهداهم من بعدهم من مؤمن الجن والناس، صلاة وسلاما دائمين متلازمين إلى يوم البعث يوم المعاد.
أما بعد: أيها الإخوة رحمكم الله تعالى، أوصيكم وإياي بتقوى الله فإنها وصية الأولين والآخرين، وصية النبيين والمرسلين وأتباعهم من العلماء العاملين من أول بدء الخلق إلى انتهاء فناء الدنيا وما فيها وإلى الله تعالى كل صائرون، أيها الإخوة أحباب الحبيب المصطفى محمد نبي هذه الأمة حديثي إليكم اليوم فى مجتمع اجتماعنا الأسبوعي العظيم يوم الجمعة الكريم حول التوحيد، توحيد الله فى الإيجاد والتدبير واستحقاق العبادة له فقط فلا معبود سواه ولا نعبد إلا إياه له الخلق والأمر تبارك الله خير الخالقين، أيها المسلمون من أول ما تميز به الإسلام هو مخاطبته للعقل حتى يصل إلى الحقائق، انظر يا أخي إلى الثعبان واسأله كيف تعيش وهذا السم يملأ فاك من يدبر ذلك سيقول لك الله، واسأل الفيل من الذي يرزقك مع ضخامة جسمك ولا ينسى النملة مع ضآلة حجمها وبما يضره فى بعض أحيانه، سيقول لك بلسان حاله الله، واسأل الجبال من الذي ثبتك أوتادا، حتى لا تهتز الأرض التي ليس علاقة ثابتة فى الهواء، ستقول لك الله، واسأل الفلك الذي تسبح فيها الشمس والقمر، والكواكب المضيئة لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل فى فلك يسبحون، سيقول لك الله واسأل الهواء الموجود بين الأرض والسماء، كيف تحسه الأيدي ويخفى عن أعين الناس من أخفاك سيقول لك الله واسأل الأبيض الذي يولد من أبوين أسودين من ذا البياض أتاك سيقول لك الله واسأل الأسود الذي ولد من أبوين أبيضين فمن ذا بالسواد رماك سيقول لك الله، واسأل المريض الذي كاد يموت ثم صح وعوفي من عافاك سيقول لك الله واسأل الصحيح كيف تكون صحيحا قويا ثم أصبحت جسدا هامدا من سلب قوتك وروحك فى أقل من لمح البصر سيقول لك الله، واسأل البصير له عينان براختان ويسير وسط الزحام بلا قائد فمن ذا يقود خطاك؟ سيقول لك الله واسأل الضرير والأعمى كيف تسير وسط الزحام يتخبط بهذا وذاك ويهوى فى صفرة كان يعمل حسابها، من الذي أهواك سيقول لك الله، واسأل العالم كله بأجمعه النجوم والكواكب والصحراء والخضراء والبر والبحر وكل ذي رطب ويابس، اسألهم من الذي خلقكم؟ سيقول لك فى وقت واحد وبلسان حال واحد، وتتفاعل معك الدنيا بأسرها لتجيب لك يقولون خلقنا الله رب العالمين.
أيها المسلم العزيز رحمك الله إن كثيرا من آيات ربك تناشدك التوحيد الحق وتطالبك بالإخلاص لربك، وهل هناك من يستحق مصفى التوحيد غير مولانا جل وعز، غير الله الواحد الأحد، غير الله الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، فلتقرأ سويا قول ربك فى صفات عباد الله الرحمن، والذي لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون. ولقد ذم الله قوما اتخذوا من دونه أندادا، تقدس الله عن الأنداد، ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله.
ومن هذا كله ندرك أن المؤمن لا يكون مؤمنا والموحد لا يكون موحدا إلا إذا تجرد من نفسه وهواه، وتجرد من شهواته وأنانيته. وكره من أوهامه ووساوسه وملأ قلبه بحب الله وحدهأ الذي خلقني فهو يهدين والذي هو يطعمني ويسقين، وإذا مرضت فهو يشفين، والذي يميتني ويحيين، والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين. فربك يا أخي هو الذي أشرف على روحك قبل أن تدخل جسدك وهو الذي كونك هذا التكوين البديع وقبل ذلك وبعد ذلك حياتك وموتك وطعامك وشرابك وسعادتك وشقاوتك وعزك وذلك ومصيرك ومآلك، ذلك بيد الله الواحد القهار.
أيها الإخوة الأعزاء، أيها المسلمون الكرماء أيها الأفاضل النبلاء، قال أحد العارفين بالله وهو يناجي ربه سبحانك ربي آمن بك المؤمن ولم ير ذاتك وجحدك الجاحد ووجوده فى فلكك دليل وجودك وعظمة ذاتك، وقيل للإمام علي رضي الله عنه متى كان الله؟ فقال متى لم يكن؟ قيل له فما الدليل على وجوده فقال متى غاب سبحانه هو الأول فلا شيء قبله والآخر فلا شيء بعده والظاهر فلا شيء فوقه والباطن فلا شيء دونه. سبحانه علا فقهر - وبطن فخبر - وسلك فقهر.
أيها المؤمنون اجعلوا الله أمامكم فى كل شيء إذا اشتريت تذكر الله وإذا بعت تذكر الله، وإذا تحركت وسكنت وكسبت ورقدت تذكر الله وعند ما تتزوج تذكر الله، تذكر الله في متجرك ومصنعك وفي بيتك وفى كل وقت من أوقاتك تجد الله معك يؤازرك ويوفقك ويسدد خطاك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال عبد لا إله إلا الله قط مخلصا إلا فتحت له أبواب السماء حتى يفض إلى العرش ما اجنب الكبائر. وقال صلى الله عليه وسلم جددوا إيمانكم قيل يا رسول الله وكيف نجدد إيماننا قال أكثروا قول لا إله إلا الله. وفى الأثر: التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
بارك الله لي ولكم فى القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، وتقبل مني ومنكم تلاوته إنه هو السميع العليم، إنه هو البر الكريم الرؤوف الرحيم.
خطبة الاستسقاء
الاستغفار فى الأولى 9 / الثانية 7
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين لا إله الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، لا إله إلا الله الولي الحميد، لا إله إلا الله الواسع المجيد، لا إله إلا الله المؤمل لكشف كل كرب شديد، لا إله إلا الله المنفرد بأنه المستعان ومغيث اللهفان، ومجري السحاب فى السموات والقائم بأرزاق المخلوقات ومنـزل الأمطار فتشب الأرض مخضرة بالأشجار والأزهار بما فيه نفع العباد فى هذه الأرض من القرى والبلاد. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك العظيم القهار الجبار، شهادة تنجينا من الهلاك والفساد والدمار، وأشهد أن سيدنا ومولانا عبده ورسوله الداعي إلى ما هو سعادة الناس فى الدنيا والأخرى ولو كان أهل القرى، تمسكوا بسنته صلى الله عليه وسلم لظهر فيه بركات السموات والأرض أنزل من السماء ماء طهورا، فاخضرت الأرض أشجارا وأزهارا، وسالت الأودية بالمياه العذبة وفجرت العيون بالمياه تفجيرا.
اللهم فصل وسلم على حبيبك ورسولك شافعنا وقرة أعيننا وملجأنا لكل بلاء وشدة والقحط والضنك والكرب، سيدنا ومولانا محمد سيد الخصار والأعراب، أشرف نبي وأشرف من أنزل عليه أشرف الكتاب، وعلى آله المطهرين من الأرجاس ذوي الفضائل والفواضل وأشرف ذوي الأنساب والأحساب، وأصحابه الكراب الأنجاب.
أما بعد: فيا أيها الإخوان، قد طال عليكم أن حبس مولاكم نزول الأمطار فجدبت الأرض ويبست ولم تكن مخضرة واصفرت الأشجار فلم تتنج الأثمار ويبست بطو الأودية والأنار فلربما يعتب ذلك إن طال عليكم الأمد الهلاك والدمار، ولا يكون ذلك إلا بزيادة تراكم الذنوب والأوزار، والبعد عن الله الملك الجبار، فاستغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم ماء مدرارا، ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم أنهارا، وقولوا أيها الإخوان أستغفروا الله العظيم 7×، الذي لا إله إلا أنت وأتوب إليك توبة عبد لا يملك لنفسه ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، أستغفر الله العظيم 3× إنك كنت غفارا، فأرسل السماء علينا مدرارا، وأنبت لنا الزرع وأدر لنا الضرع وفجر لنا عيون الأرض تفجيرا، أستغفر الله العظيم.
أيها المسلمون، إنه قد أبلاكم الله أشد البلاء، وأمسك عليكم ماء السماء، فكم من أيام وكم من شهور قد امتحن الله عليكم بالمحنة والغلاء، وما ذلك إلا بقساوة قلوبنا وعدم استشعارنا بذلك كله فإنه هو تذكرة من ربكم وتنبيه منه سبحانه وتعالى وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين، ففي مثل هذه الأيام أنزل الله سبحانه الأمطار، ويحسبه عنكم بما لديكم من سوء الخصال من الفسقة والغفلة والفجار، ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليكم يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله وأن تولوا فإني أخاف عليكم عذاب يوام كبير، ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين، واستغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا، ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا. (ليهات سامبوعان)
خطبة كسوف الشمس
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جعل الشمس والقمر آيتين من آيات الله الملك القهار، ظهرت تلك الآيات لمن تدبر وتفكر من أولى الأبصار،- يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل ذلك ذكرى للذاكرين من ذي العلوم والأفكار – نحمده سبحانه وتعالى على ما رزقنا بالاتعاظ بالوعظ والاعتبار. وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد الأحد الملك الجبار – شهادة تدخرها ليوم تشخص فيه القلوب والأبصار – وأشهد أن سيدنا ومولانا محمدا عبده ورسوله الداعي إلى الخضوع والتضرع إلى الله الخالق لهذه الكائنات طرا – وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد الذي بعثه الله تعالى بالتنذير والبشرى – وعلى آله المطهرين من الرجز والشرك يطهرهم الله تعالى تطهيرا – وأصحابه الذين اهتدوا بهديه وجميع أتباعهم وسلم تسليما كثيرا –
أما بعد: فيا أيها الناس رحمكم الله تعالى اتقوا الله تعالى أظهر لكم العبر لتعتبروا – فأراكم أوضح آياته لتتذكروا – ففى تلك الآيات الباهرة لاحظوا وتفكروا- ولا تكونوا من الذين قست قلوبهم ونسوا ما ذكروا فتفسقوا وتكفروا- ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون.
أيها الناس رحمكم الله اعلموا أن الله سبحانه وتعالى نبهكم وذكركم بالذكرى أظهر فى هذا اليوم كسوف الشمس ليكون ذلك من الله تعالى بهذا تنذيرا -فإن الشمس جعلها سبحانه وتعالى دليلا ونورا- ليهتدي الناس بها فى طلب معاشهم وأكسابهم نهارا. فلم تزل الشمس كذلك وقد انكسفت فى هذا اليوم –وما ذلك إلا كي تتبروا وتتعظوا وتتفكروا- وتخافوا عذابه تعالى فإن عذاب الله الشديد فاستغفروا ثم استغفروا استغفروا ربكم إنه كان غفارا- وأنيبوا إلى ربكم إنه كان لطيفا خبيرا- واعلموا أن الله أجرى الشمس لمستقر لها وقدر مجراها تقديرا فالشمس والقمر آيتان من آيات الله أجراهما فى مجراهما فلا يخرجان عن مقدارهما منذ أن خلقها إلى اليوم وما بعد اليوم فى الأيام – جعل الشمس آية فى الليل كما جعل القمر آية فى الليل بقدرة الملك العلام – جعل الشمس ضياء والقمر أنوارا – وقدر ذلك تقديرا.
أيها المسلمون اتقوا الله واحذروا فإن الله تعالى حذركم بانكساف الشمس فإن نور الشمس وضيائها نعمة لكم ورحمة لكم وقد غير سبحانه وتعالى بالإنكساف لتتعظوا – فإنه تعالى لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم – ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا بأنفسهم – فلربما يكون هذا الإنكساف بما تراكم فيكم الأوزار – فاستغفروا من ذنوبكم فإن الذنوب تذهب بالاستغفار واندموا على ما فرطتم فى جنب الله العزيز الجبار. ففى الحديث قال صلى الله عليه وسلم: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا محياته فإذا رأيتم منها شيئا فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا – قال الله تعالى فى كتابه الكريم – تذكيرا لمن ألقى السمع وله قلب سليم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، "هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون" بارك الله لي ولكم إلى الآخر مع الدعاء المناسب للمقام.
خطبة عيد الفطر
بسم الله الرحمن الرحيم
الله أكبر 9× الله أكبر ما صام صائم وأفظر، الله أكبر ما هلل مهلل وعظم ربه وكبر، الله أكبر ما أعظم هذا اليوم أفلح من صام رمضان وعظم ومجد ربه الأكبر وفي هذا اليوم شكر ففاز بالثواب الأكثر، الله أكبر الله أكبر. الحمد لله الذي أسبغ منا نعمه العظيمة التي لا يعلم كنه ذلك إلا وهو سبحان من له كل شيء بيده الأمر وعلى مقتضى إرادته كل موجود فلا رب ولا معبود إلا هو نحمده أن هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا هدايته تبارك وتعالى. ونشكره على توفيقه وإحسانه، الله أكبر تعظيما لربوبيته وإقرارا لألوهيته واستشعارابعظمته ومجده، -الله أكبر- أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له نتبوء بها للفوز الأكبر وندخرها لدار المعاد في يوم يحشر المتقون إلى الجنة يسعى نورهم بين أيديهم سعادة منه نال الفوز الأكبر جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ما دامت السموات والأرض لهم فيها نعيم مقيم وأجر جسيم، -الله أكبر- وأشهد أن سيدنا ومولانا محمدا عبده ورسوله أرسله الله تعالى بهذا الدين الحنيف والهدى ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون/الكافرون يريدون ليطفؤا نور الله بأفواههم ويأبى الله إنه لا يتم نوره ولو كره المشركون، لا إله إلا الله وحده لا شريك ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الظالمون.
اللهم فصل وسلم على سيدنا ومولانا وشفيعنا وقرة أعيننا محمد أفضل من صام وأفطر ومجد وكبر وعلى آله وأصحابه الذين جاهدوا وابتغو برضات ربهم ففازوا فوزا لا يعرف مداه ولا يتعذر بجهادهم تلألأت راية كلمة التوحيد في هذه الدنيا تسمع مدى أصوات التهليل والتكبير في مثل هذا اليوم الأنخر، الله أكبر.
أما بعد فيا أيها الناس رحمكم الله تعالى اتقوا الله تعالى وأوصيكم بها وإياي لعلكم تفلحون، واعلموا أن هذا اليوم يوم عظيم، يوم جعله الله تعالى عيدا لهذه الأمة المرحومة ورمزا لكبريائه تعالى وتفرده بالألوهية الربوبية، وشعار العظمة ومجده نسمع فيه أصوات التهليل والتكبير في النواحي والآفاق، الله أكبر، الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد. الله أكبر فهو الذي تفرد بالإفضال والإنعام، وهدى إلى طريق السعادة والسلام، من تمسك بها تمسك بالعروة الوثقى لا انفصام، في مثل هذا اليوم يتمم نوره تعالى وقد أبطل سيد الأنام، محمد صلى الله عليه وسلم دعائم الشرك وأزال أصوله وهدم الأوثان والأصنام، ظهرت كلمة الإيمان والإسلام وكلمة الشرك والكفر على التـزلزل والإحجام، قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا، أغار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بعد أن فتح الله له ولهم مكة المكرمة في شهر رمضان أمضى هو وأصحابه الجهاد والكفاح بغزو الكفر والضلال ففازوا النصر المبين والأجر الجسيم والمغنم العظيم يجهرونه بالتحميد والتكبير، لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد.
أيها المسلمون عليكم في هذا اليوم بتعظيم ربكم وإجلاله واشكروه على توفيقه وهدايته. واعلموا أن الله تعالى جعل هذا اليوم يوم عيد شكرا لكمال شهر رمضان وصيام وأداء حقوق شهر الفرقان بالتضرع والخصوع والدعاء واعتناء الأجر والثواب والرضوان، فالعائد هو من وفق لطاعة مولاه تبارك وتعالى. ألا وإن من علامة قبول ذلك أن يكون العيد مستقبلا إلى الخير ويستزيد، ليس العيد لمن لبس الجديد وإنما العيد لمن طاعته تزيد. فيا أيها الإخوان، تقربوا إلى مولاكم بأنواع الطاعات والخيرات وأخلصوا له تعالى بالعبادة والصلوات تكونوا من أصحاب الفلاح والسعادات، وعظموا هذا اليوم العظيم بمزيد التقوى ومحاسن الأعمال والبر ومخالفة الهوى، وأدوا صدقات أبدانكم على ما عليه سنة نبيكم المصطفى، ألا وإن من سنته أن تخرج زكاة الفطر قبل الخروج إلى المصلى، ولا تغتروا بدأب عادة أهل الزمان الذي أطاعوا الهوى وابتعدوا عن المولى جل وعلا، فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا وإن الجحيم هي المأوى، فيا سعادة من أكمل صيامه وأتقى ويا فوز من في حقه قال تبارك وتعالى قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى. الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر.
أيها المسلمون، أقول لكم مرة أخرى الشكر، الشكر للمولى تبارك جل جلاله وتعالى أنزل جل وعلا القرآن في شهر الصيام وهدى به من اهتدى من الجن ووفق من ارتضاه المولى بتدبر معانيه وقراءته في الليالي والأيام، فازدادت في قلبه رسوخة أنوار الهداية واليمان فسمع فأوعى وتفكر في هذه الكائنات فكان من أولى النهى وداوم في الخيرات واستقام، فيكون له غدا في خير منزل ومقام، أعز الله تعالى الإسلام وجعل الله كلمته هي العليا وكلمة الكفر هي السفلى، كذلك في شهر الصيام، شهر رمضان أنجز الله تعالى وعده وصدق وعده بالنصر المبين والفتح، كذلك في شهر الصيام شهر رمضان أبطل دعائم الشرك والأوثان وترفرفت أعلام النصر ولواء الفتح وتليت آيات التقديس والتذكير والقرآن ومهد تبارك وتعالى لواء النصر بوفقة البدر الكبرى التي صميت بيوم الفرقان يوم التقى الجمعان، كذلك في الشهر العظيم شهر رمضان، فكان شهر رمضان هو شهر النصر وشهر العز وشهر الفتح والرفعة لأهل الإسلام والإيمان والذل والخذلان لاتباع الهوى وجنود إبليس وأعوان الشيطان، -الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات. رواه أبو داود وابن ماجه وصححه الحاكم.
وعن ابن عمر رضي الله قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى الصغير والكبير من المسلمين وأمر بها أن تؤدي قبل الخروج إلى الصلاة. رواه البخاري ومسلم. ولابن عدي من وجه آخر والدارقطنى بإسناد ضعيف اغنوهم من الطواف فى هذا اليوم. هذا فعلى ما اقتضاه معنى الأحاديث المروية بالسند الصحيح عند الأئمة الأعلام فقد اتفقوا على جوب هذه الزكاة – زكاة الفطر كما عليه المعروف لدى أهل الإيمان والإسلام وإن قدر المخرج كما عليه مقتضى الأحاديث المتقدمة هو صاع من جنس ما يقتات به فى بلد من البلدان غير أن الإمام أبا حنيفة رضي الله عنه قدر فى خصوص الحنطة بنصف صاع كما هو بيان. ويجوز تعجيل ذلك فى الإخراج قبل يوم العيد يوما أو يومين أو أيام من شهر رمضان وأن المتفق عليه بين أهل العلم أن السنة إخراجها فى يوم العيد قبل الخروج إلى المصلى وأن تأخيرها بعد الصلاة فقد انقضى الأجر والثواب وألحقها بصدقة الرسول المصطى عليه الصلاة والسلام الأوفى – وأن وقت الجواز فى الإخراج إلى غروب شمس يوم العيد كما هو معروف من القرون الأولى غير أن الإمام أبا حنيفة وقت وجوبها بيوم العيد وصح التقديم والتأخير. فمن فعل كان مؤديا لا قاضيا كما فى سائر الواجبات الموسعة من الزكوات إلا أنها تستحق قبل الخروج إلى المصلى كما جوز إخراجها قيمة من النقود كما هو للفقراء أعظم نفعا وجدوى هذه هي التي كانت متعلقة بصدقة الفطر على ما ذهب إليه العلماء الذين لدى ربهم هم الأتقى والأتقى هم الذين اختارهم المولى تبارك وتعالى نجوم الهدى واختصهم بالفضائل والفواضل التي بلغت إلى الغاية القصوى – كيف لا فإنهم ورثة النبي المصطفى فأكرم بهم وارثا وموروثا – فيا فوز من أخذهم بدينه قدوة فنجا فى الدنيا والآخرة مع الأحبة – فى جنة تجري من تحتها الأنهار وذلك هو النور المبين.
جعلنا الله وإياكم من العائدين والفائزين المقبولين وتحقق آمالنا وآمالكم وجمع الله بيننا فى الدارين منعمين – الله أكبر – لا إله إلا الله الله أكبر.
إن أحسن المواعظ الشافية كلام من لا يخفى عليه خافية والله يقول وبقوله يهتدي المهتدون أعوذ بالله من الشيطان الرجيم "قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى إن هذا لفى الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى".
بارك الله لي ولكم فى القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فى الآيات والذكر الحكيم وتقبل الله مني ومنكم تلاوته إنه هو السميع العليم.
أوصيكم وإياي بتقوى الله فقد فاز المتقون وأحثكم على طاعة الله وطاعة رسوله لعلكم تفلحون. وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات فيا فوز المستغفرين ويا نجاة التائبين
الله أكبر الله أكبر الله أكبر.
وقولوا كما قال موسى عليه السلام "رب إني ظلمت نفسي فاغفرلي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم – (ثم يرفع يديه فيقول) الله أنت الله لا إله إلا أنت أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين اللهم اسقنا رونقا هنيئا مريعا مريئا غيثا خصبا راتعا ممرع النبات سائلا سيلا مجللا سحا عاما دائما دررا نافعا غير ضار عاجلا غير رائث تحيي به البلاد وتغيث به العباد – وتجعله بلاغا للحاضر والباد. اللهم اسقنا غيثا مغيثا ولا تجعلنا من القانطين – أنزل علينا ماء من السماء مطرا مدرارا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين – رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلاَنَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ.
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك سيدنا محمد وعلى جميع النبيين والمرسلين وعلى آل نبيك وعترته وذريته وجميع أصحابه (ثم يحول رداءه ويستقبل القبلة فيدعوا سرا) ثم يقول بعد الدعاء الله إنك أمرتنا بالدعاء ووعدتنا بالإستجابة فاستجب لنا دعاءنا كما وعدتنا يا سميع الدعاء ويا واسع الفضل والعطاء آمين 3 ×
عباد الله آمنوا الله تعالى وتوبوا إليه وقولوا أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه توبة عبد ظالم لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا 3 ×
إن أحسن المواعظ الشافية كلام من لا يخفى عليه خافية والله يقول وهو أصدق القائلين أعوذ بالله من الشيطان الرجيم أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ اْلأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ. بارك الله لي ولكم فى القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، وتقبل مني ومنكم تلاوته إنه هو السميع العليم، إنه هو البر الكريم الرؤوف الرحيم.
اللهم اجعلها سقيا رحمة ولا تجعلها سقيا عذاب ولا محق ولا بلاء ولا هدم ولا غرق اللهم على الظراب والآكام ومنابت الشجر وبطون الأودية اللهم حوالينا ولا علينا اللهم اسقناغيثا مغيثا هنيئا مريئا مريعا سحا عاما غدقا طبقا مجللا دائما إلى يوم الدين – اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين اللهم فإن بالعباد والبلاد من الجهد والجوع والضنك ما لا نشكو إلا إليك، اللهم أنبت لنا الزرع وأدرّ لنا الضرع وأنزل علينا من بركات السماء وأنبت لنا من بركات الأرض واكشف عنا من البلاء ما لا يكشفه غيرك، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله شرفنا بالإيمان والإسلام سبحانه وتعالى وتبارك الذي توحد بالهداية إلى سبيل الرشاد للخاص والعام، نحمده جل وعلا أن يسبغ علينا نعمه بتوالي الدهور والأعوام، ونشكره شكرا نستزيد به لتمام تلك النعمة بنيل الرضاء وحسن الختام، والموت على الإيمان والإسلام. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا ند ولا ضد وهو المتوحد بالربوبية والألوهية، شهادة تدخلنا في دار النعمة التي هي السعادة الأبدية، ولا نرجو ولا نسأل إلا منه فكل إليه صائرون، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون. وأشهد أن سيدنا ومولانا محمدا عبده ورسوله، نبي أكرمه الله بعموم رسالته إلى الخلق أجمعين، عربهم وعجمهم شرقيتهم وغربيتهم الأعزاء والأذلاء والأغنياء والمساكين، فاتسعت دائرة نطاق الإسلام في طبقات الأرضين، حتى ظهرت بركات الإسلام في مختلف بني الإنسان متى كانوا لله وحده ساجدين راكعين.
اللهم فصل وسلم على هذا النبي الكريم الممجد والمشرف بخاتم الرسالة والنبوة العظيم السند حبيبنا ومولانا وقرة أعيننا سيدنا محمد وعلى آله المختارين الذين يذهب الله عنهم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا، وجميع أصحابه ومن اهتدى بهديهم فيا لنا بذلك شرفا وفخرا، وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد، فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى ولازموا على تقواه فإنه مدار السعادة لمن ألقى السمع وأصغاه، وأنه وصية الأولين والآخرين من الأنبياء والعلماء والصالحين المتقين، ولا يذوق حلاوة ذلك إلا خواص هذه الأمة المخلصين، فإن لم تكونوا منهم فكونوا من أهل جلستهم تكونوا من المفلحين الآمنين، فاتقوا الله عباد الله وكونوا من نصرة هؤلاء الذين لربهم كانوا ساجدين خاضعين.
ثم اعلموا أيها المسلمون أن الإسلام هو الدين الذي تكفل متدينه بالفلاح والسعادة، دين لا يتقبل الله من أحد سواه، دين من يبتغي سواه فلا بد من أن تكون غدا يناله الندامة والخسارة، ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين، فاشكروا مولاكم أن هداكم للإيمان والإسلام وداوموا على ذلك مدى الدهور والأيام، فلا نعمة أعظم من ذلك إذ هو السبيل الوحيد للوصول إلى دار السلام، ولا تغتروا بغرور الدنيا وأهلها من الفسقة والفجرة وأهل الطغيان الذين لا يعلمون إلا ظاهرا من الحياة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا ويستهزئون بالذين عملوا الصالحات وهم عن الآخرة معرضون وسيعلمون غدا في أي منقلب ينقلبون. ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم فهم لا يعقلون، فاتقوا الله عباد الله وتقربوا إليه تعالى بأنواع الطاعات.
أيها المسلمون رحمكم الله كما أن الإسلام يتكفل السعادة الأبدية، كذلك يتكفل الإسلام الرفاهية في هذه الدنيا فلا تكون مصلحة الإسلام لأجل الأخرة فقط بل تكون للحال والمآل كما هو مشاهد في مبدإ ظهور الإسلام بما هو أوضح مما يقال يعيش العرب قبل مبعث الرسول محمد صلى الله عليه وسلم عيشة البهائم والجهال لا يكون بينهم الإنسانية ولا الاجتماعية يظلم بعضهم بعضا وكانوا على الكفر والضلال وضيق المعيشة والحال، حتى جاءهم الإسلام فهداهم الله به فكانوا على أحسن الحال وأشرف الخصال، فالإسلام يحمل بني الإنسانية إلى الرفاهية والسعادة والهناءة وصف أحد دعاة الإسلام وقال إني أدعو بالإسلام ليخرج الناس من ضيق الدنيا إلى سعتها ومن عبادة الأوثان إلى عبادة الرحمن فاتقوا الله عباد الله، وتفكروا وانظروا كيف أحوالكم في هذه الأزمان والأحيان، وتفكروا أبناء هذه الأيام من المسلمين وعليكم بالاعتناء والاهتمام بأنفسكم ثم إلى هؤلاء فإن المسلمين بعضهم لبعضم مثل البنيان فلا يتأتى الصلاح والأصلاح إلا بصلاح الجميع يشد بعضه بعضا كما أفصح به البرهان من الأحاديث الجليلة وآيات القرآن، فالمسلمون إخوة فأصلحوا بين أخويكم، هذه هي كلمة ذات المعاني القيمة التي كانوا عليها لكانوا في هذه الدنيا متنعمين وببركاتها ونعمائها وثمراتها اليانعة مجتنين، ولكنهم ظلموا أنفسهم ويتولون عن مناهيج أسلافهم وصلحائهم الأقدمين.
فارجعوا أيها الإخوان إلى أسلافكم الأكرمين فلن يصلح لهذه الأمة أواخرهم إلا بما صلح به أوائلهم فهم بذلك في هذه الدنيا كانوا آمنين مطمئنين وفي الآخرة مع الذين أنعم الله بهم من النبيين والشهداء والصالحين.
عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينـزعه حتى ترجعوا إلى دينكم. رواه أبو داود
هذه موعظتي أعظها لنفسي وإياكم فطوبى لمن ألقى السمع وهو بالحق يتمسك فكان المفلحين، قال الله تعالى في كتابه العزيز الكريم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قد أفلح تزكى وذكر اسم ربه فصلى، بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى، وقال تعالى إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي فضل بني الإنسان بالتمسك على شرائع القرآن المنـزل على سيد الآنام. نحمده جل وعلا أن هدانا لهذا الدين الذي يتكفل به للدخول في دار السلام. ونشكره شكرا على النعماء والآلاء شكرا يكافي مزيدها على الدوام، ونرجو منه سبحانه وتعالى توفيقه وهو يتولى ذلك ويتفرد بالإحسان والإنعام خلق الإنسان وميزه على سائر الحيوانات المتعجبة بشرائع دين الإسلام التي هي صالحة لبني الإنسان وصلاحها للتطبيق في كل مكان وحال وعام من جيل إلى جيل تكون شريعة الإسلام موافقة ما دامت السموات والأرض على أتم نظام.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة عبد موحد مقر بربوبيته وتفرد بالإيجاد والإعدام شهادة تدخل قائلها في الجنة مع المتقين والأبرار جنة عرضها السموات والأرض تجري تحتها الأنهار. وأشهد أن سيدنا ومولانا محمدا عبده ورسوله أرسله بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا.
اللهم فصل وسلم على نبيك محمد الذي أنزلت إليه قرآنا ليكون ذكرا وتبيانا لكل شيء وإلى الخير آمرا وعن الشر والعناد زاجرا، وعلى آله وأصحابه ومن اقتفى بهديهم وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد، فيا أيها المسلمون اتقوا الله تعالى حق تقواه واعلموا أن الله تعالى يتولى بهدايتكم وتوفيقكم إلى ما هو سعادتكم فاتبعوا هداه – تكونوا مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء – أولئك هم السعداء منعمين في دار النعماء خالدين فيها ما دامت السموات والأرض لا آخر في سعادتهم ولا شقاوة بعدها فأولئك هم المفلحون.
أيها المسلمون اشكروا مولاكم تبارك وتعالى أن هداكم للإسلام الذي كانت شريعته صالحة وتطبيق صلاحيته شاملة من كل زمان يشهد بذلك تبادل الأحوال والعصور والأكوان، وأجل من ذلك كل ما يدل به نصوص وحي الله من السنن والقرآن، نحن نعلم علما يقينا بأن الله أنزل هذه الشريعة الإسلامية للعدالة بين العباد ويحقق بها مصالح العباد في المعاش والمعاد كما دل على ذلك استقراء نصوص أحكام الشريعة في العدل بين الحاضر والباد جاءت رسالة محمد صلى الله عليه وسلم في حين أن العدالة لم تكن بين الجماعة والإفراد – والظلم قد شاع وعم جميع أصناف العباد فأنزل الله تعالى القرآن العظيم على محمد صلى الله عليه وسلم أفصح من نطق العناد، وأنه نبي آخر الأنبياء الذي بعث بين يدي يوم الميعاد – وأن شريعته تصلح في جميع الأحيان والآوان ما دامت الأرض عامرة وأن فيها صالحين وزهاد وعباد وأن هذه الشريعة سرمدية وصالحة لكل قوم وبيئة وكل مكان – وتكفل المولى جل وعلا بأن هذه الشريعة باعثة للعزة والهناء لأهل قرية مؤمنين تجري فيها كما أوضحها القرآن وأن ذلك في هذه الاوانة قد دلت لذلك شواهد العيان وظهور البرهان – لا ينكر ذلك إلا من أعمى الله بصائره ولا يكون له العرفان. فاتقوا الله تعالى عباد الله أن شريعة الإسلام هي الشريعة الخالدية السرمدية، إذ أن مآخذها من الوحي الإلهي الذي يكون مرجعه إلى الآيات القرآنية التي هي كتاب ناطق تتلى آياته دالة على جميع الأحوال الكونية فما دامت الآيات القرآنية تتلى فذلك ذو المعنى الواضح مبرهنا على صلاحية تطبيق الشرائع الإسلامية مدى تبادل العصور والكائنات والظروف المختلفة.
ثم اعلموا أن العلماء هم سرج هذه الأمة وأنهم هم الآخذون والذين لهم حق الاستنباط في أخذ معاني الآيات والأحاديث النبوية وأنهم اختلفوا وأن ذلك في الحقيقة هو الرحمة العظيمة لهذه الأمة المحمدية المرحومة حيث إن الأحوال والأكوان والظروف وإن اختلفت ومهما تبادلت فقد توجد هناك مناسبة من بين مقالات علماء شريعتنا المطهرة – فاختلاف بين الأئمة من علماء هذه الأمة إنما كانت لمصالح هذه الأمة مدى تبادل الكائنات والظروف الكونية. ولذلك كان الإمام مالك يأبى أن يحمل الناس على اقتصار كتابه من دون كتب سائر الأئمة. حتى قال: إن حملهم على رأي واحد من الأئمة فتنة – فالشريعة الإسلامية ذوات المعاني الواسعة النطاق التي تصلح لكل جيل من الأجيال من سكان هذه الآفاق ذلك واضح لمن له علم وألقى السمع ورزقه المولى التوفيق والعرفان وأنكر ذلك من يكون قلبه النفاق فأعرض ونأى عن المنهج القويم فأصابه الخيبة والذلة والخسران العظيم.
أيها المسلمون، اتقوا الله تعالى واحذروا كل الحذر عن الابتعاد عن مقتضيات هذه الشريعة الإسلامية فإن في ذلك رزية وبلاء وفتنة ومذلة كما هو مشاهد عن تدبر أحوال هذه الأمة من هذه العصور المتأخرة – قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مهما أوتيتم من كتاب الله فالعمل به لا عذر لأحد في تركه، فإن لم يكن في كتاب الله فسنة نبي ماضية، فإن لم تكن سنة نبي فما قال أصحابي أن أصحابي بمنزلة النجوم في السماء فأيما أخذتم به أهديتم واختلاف أصحاب لكم رحمة. وقال صلى الله عليه وسلم لن يستكمل مؤمن إيمانه حتى يكون هواه تبعا لما جئت به.
أيها الإخوان، اعلموا أن دين الإسلام دين الفطرة دين يليق بالأحوال الإنسانية – دين يكون مركز استنباطه من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية فمهما تتلى الآيات القرآنية في هذه الدنيا العامرة كانت الشرائع الإسلامية جارية وصالحة لتطبيقها للمصالح العامة والخاصة من بين طبقات الاجتماعية والشخصية. فيا أيها الإخوان الرجوع الرجوع إلى شرائع دينكم فإن ذلك سبب لرضا الرحيم الرحمن، الشرائع التي من لدنه تعالى لا يأتيها الباطل وصالح للتطبيق في سائر الأزمان، كيف لا؟
فإن لأجلها أنزل الله القرآن في شهر عظيم شهر رمضان كما نص بذلك القرآن : شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم وتقبل مني ومنكم تلاوته إنه هو السميع العليم، واستغفروا الله العظيم لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي خضع له الكائنات في جميع الأرضين والسموات، سجد له كل شيء كائن من أي مادة كان حيوانات وجمادات، يسبح له ما في السموات والأرض وما يعلم تسبيحه إلا هو، وكل له خاضعون. نحمده تعالى ونشكره على توالي الآلاء والنعماء شكر من أخلص مقرا لربوبيته تعالى وكل إليه تعالى يفتقرون، وهو تعالى غني عن كل ما سواه غنيا مطلقا وكل إليه راجعون.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة من اعترف بألوهيته وانفراده بإبداع هذه الكائنات فكل تحت قهره على وفق إرادته يفعل ما يشاء لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، وأشهد أن سيدنا ومولانا محمدا عبده ورسوله أرسله تعالى لهداية الناس وإرشادهم ليكونوا على أقوم الطريق ولا يتبعون السبل فيضلوا عن سبيله تبارك وتعالى وهم عن الحق مائلون.
اللهم فصل وسلم على عبدك وحبيبك محمد وعلى آله وأصحابه الذين اختارهم الله بصحبة نبيهم فهم سادة هذه الأمة، فيا سعادة من اقتفى واهتدى بهديهم، صلاة وسلاما دائمين ما تعاقب الليل والنهار وما طلعت الكواكب والنجوم الزاهرات التي بها يهتدون.
أما بعد، فيا عباد الله، اتقوا الله تعالى واعلموا أن هذه الكائنات سواء كانت جمادات ونباتات أو حيوانات كلها خاضعة لله ومقهورة على حسب إرادته، سائره إلى الوجهة التي حيث كانت مشيئته تعالى هي التي تحقق إليها على حسب مقتضى الحكمة الإلهية، فلو خرجت الكواكب عن مدارتها أو الأرض عن موقعها والشمس عن مستقرها لتعرضت الكائنات إلى الأفغلات عن انتظام، فتعرضت الكائنات إلى الفناء والانعدام، فسبحان من خلق الكائنات ودبرها وتفرد بتدبيرها حيث شاء وأراد، وانفذ إرادته بما شاء بالقهر والاستبداد ولا يبالي بما في نفوس الخلائق والعباد، فكل من هذه الكائنات خاضعة له تبارك وتعالى وهم خاضعون وله تعالى ساجدون. طلعت الشمس من مشرقها وتغرب من مغربها وكذلك النجوم الزواهر، فالكل بأمره تعالى طائعون والملائكة مدى الدهور في جميع الليالي والنهار يتعاقبون، ولله يسجد ما في السموات والأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون.
فاتقوا الله عباد الله، واشكروا له تعالى أن وفقكم بهذا الدين الحنيف الذي ظهرت حقيقته، فمن يبتغ غيره فهم الذين أخطاؤا وهم ضالون. أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون، فلا أحد يملك التمرد ولا التكبر ولا يستطيع الرفض لإرادة الله تعالى ولا الخروج عن حكمته وتدبره جل وعلا، فالمتمردون والمعاندون وكذلك الكافرون، إنما كفروا بإضلال الله تعالى وإغوائه فهم في الضلال تائهون. وسيكونون غدا يوم القيامة نادمون، ولا ينفعهم الندم فقد كانوا في الدنيا لا يؤمنون، وعن ذكر الله تبارك وتعالى معرضون، ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكى ونحشره يوم القيامة أعمى، قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا. قال كذلك أتتك أياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى، فاتقوا الله عباد الله واشكروا مولاكم أن هداكم للإيمان والإسلام والتصديق بما جاء به رسوله الأكرم نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، ولازموا على طاعة مولاكم وعبادته واتعظوا بالمواعظ مع تدبر آيات مولاكم العلام مما في هذه الأرض والسموات من حيوانات وجمادات ونباتات كلها لله على العبودية والخضوع والاستسلام، فطوبى لمن تفكر هذه الكائنات وتدبرها بصفة الاتعاظ والتذكر في الليالي والأيام، واستشعروا بعبوديته وأن ما في الكائنات لم يخلق باطلا ولا عبثا بل للاتعاظ والأذكار والتفكر والاعتبار، وأنها إنما تتكون على مقتضى إرادة العزيز الجبار الذي استبد وتفرد بإيجادها حيث أراد ويشاء وكل بمقدار.
أيها المسلمون رحمكم الله، اتقوا الله تعالى وأخصلوا له تعالى في طاعتكم وجميع أعمالكم من الحج والصلاة والصيام، أخصلوا لمولاكم تكونوا غدا من الفائزين من ورثة جنة النعيم التي تجري من تحتها الأنهار، هذه هي الذكرى لمن ألقى السمع من أولى الألباب والأبصار، فاتقوا الله عباد الله ولا تغرنكم مدد الأعمار، فإنها وإن طالت والله لهي قصار وتزودوا من ممركم لمقركم فإن الدار الآخرة هي دار القرار.
فاخلصوا أعمالكم لربكم ولاتكونوا من الذين يريدون فى هذه الأرض علوا وفسادا وقرار. وكونوا عباد الله لربكم طائعون ولأمره مؤتمرون وعن نواهيه منتهون تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لايريدون علوا فى الأرض ولافسادا والعاقبة للمتقين- فلازموا طاعة مولاكم واصبروا فى هذه الدنيا على ما انتم عليه من الاستمساك بهذا الدين ومع الذين امنوا وعبدوا الله مخلصين له الدين _ واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغدوة والعشى يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريدون زينة الحياة الدنيا ولا تطع من اغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان امره فرطا. هذه عظتى اعظها لنفسي واياكم فمن سمع فقد افلح وتزكى ومن اعرض عن ذلك فقلبه اعمى – ومن كان فى هذه اعمى فهو فى الآخرة اعمى واضل سبيلا
بارك الله لي ولكم فى القرآن العظيم ونفعنى واياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم وتقبل منى ومنكم تلاوته انه هو السميع العليم وقل رب اغفر وارحم وأنت أرحم الراحمين
خطبة الجمعة ليوم عيد سنة 1407 يوم الجمعة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة، والذي له الأمر والخلق فلاخالق سواه، والذي تفضل بالإحسان والإعطاء والهداية لمن أراد له الخير والسعادة. أحمده جل وعلا أن تفضل علينا بنعمة الهداية بالإسلام والإيمان، وأكمل لنا صيام شهر رمضان، الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان. أشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له فلا ضد ولا ند فهو المتفرد للإيجاد والتدبير وإليه المرجع والمآب. وأشهد أن سيدنا ومولانا محمدا عبده ورسوله الهادي إلى الصواب، الفاتح لما أغلق من الباب، نبي الرحمة خاتم الأنبياء والمرسلين، ظهرت معاليم دينه وشعائره في العالمين يسمع في الآفاق أصوات التكبير والتحميد وتبرهن على عظمة هذا الدين.
اللهم فصل وسلم على سيدنا ومولانا محمد الذي أعززت جنده وهزمت الأحزاب، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه من أولى الألباب.
أما بعد، فيا أيها الإخوان رحمكم الله تعالى. اتقوا الله في السر والإعلان، ولازموا على الاستقامة وطاعة مولاكم في أي زمان ومكان، واشكروا مولاكم أن أسبغ عليكم بهذه النعمة العظيمة نعمة الإسلام والإيمان.
واعلموا أن هذا اليوم يوم عظيم، يوم شكر وفرح وسرور وفضل ونعيم، ويوم عيد لأهل الإسلام الذين هم على الصراط المستقيم، الذين صاموا شهر رمضان، الشهر الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، وقاموا لياليه بأنواع العبادة والذكر والتسبيح والإحسان، وتلوا آيات القرآن في أكثر أحيانه كما عليه أسلافنا الصالحون ما هو واضح لذي الهداية والعرفان، فيا سعادة من أعطى حق رمضان فبح بح له بينل الأجر والثواب من الله العزيز الرحمن، ويا حسارة من ضيع هذا الأمر والشأن، فحاسبوا أنفسكم أيها الإخوان قبل أن يحاسب عليكم مولاكم غدا في يوم لا ينفع مال ولا بنون، يوم الندامة والحزى والهوان، تذكروا ما فات عليكم فيما مضى من شهر رمضان، ظهرت عليكم الندامة والخسران، أو الفلاح والغنم والقرب إلى العزيز المنان، فبشرى لمن لان قلبه وخضع لمولاه فيتزايد به طاعته، وارتقى له درجات بره وقربه إليه تعالى فيما له من السعادة والبشارة، فهذا يوم العيد، فليس العيد لمن لبس الجديد، وإنما العيد لمن طاعته تزيد.
ثم اعلموا أيها الإخوان الكرام، بأن من علامة قبول العمل من الصلاة والصيام أن يتبع ذلك بمزيد الصلاح والطاعة والاستقام، كما عليه ذووا النهى والمقام، حافظوا إيمانكم وصفات حميدة تدعيه وتنميه، فزينوا إيمانكم بالحياء وألبسوا إيمانكم بالتقوى، تنالوا السعادة في الأولى والأخرى وتمسكوا بما عليه أسلافكم ولا تغتروا بأقوال من اتبع الهوى من جهلة أهل هذا الزمان فغوى وأغوى، وطغى وأطغى، وربما زعم واحد منهم من أهل التقوى، فاتقوا الله عباد الله، فالحذر الحذر من الذين ابتعدوا وابتعدوا عن منهج أسلافنا الصالحين من أهل التقوى والعلم واليقين، وخذوا بقول علمائكم تهتدوا، ولا تكونوا من الذين حذر عنهم نبيكم الكريم عليه الصلاة والتسليم، حيث قال: سيأتي عليكم زمان يفر أمتى من العلماء والفقهاء فيبتليهم الله تعالى بثلاث بليات، نزع الله عنهم بركة أكسابهم، وسلط الله عليهم سلطانا جائرا، فإذا ماتوا ماتوا على غير إيمان، أعاذنا الله تعالى عن ذلك.
فهذا يوم العيد يوم عظيم في يوم عظيم، يوم الجمعة سيد أيام الأسبوع فلكم بهذا إن شاء الله الأجر العظيم والثواب والمنال العظيم حضرتم في هذا المشهد العظيم، فيا لنا أن يتقبل المولى العظيم جميع أعمالنا إنه هو البر الرؤوف الرحيم، حضرتم أيها الإخوة إقامة صلاة هذه الجمعة التي فرضها الله معروف لدى هذه الأمة المرحومة من غير فرق بين أن يكون ذلك في يوم العيد وفي غير يوم العيد، فحضوركم لهذه من مظاهر ثمرة إيمانكم الأكيد، ومظهر معنى العيد الذي يكون لمن طاعته تزيد، فإن سقوط وجوب صلاة الجمعة في مثل هذا اليوم ما يروى من أحد من أسلافنا الصالحين من الأئمة الشافعية وغيرهم المهديين إلا ما يروى عن الإمام الحنبلي رضي الله عنه الذي لسنا على مذهبه. فاتقوا الله عباد الله، وارجعوا إلى أسلافكم المكرمين. فإن النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعده كانوا مجمعين، أي أقاموا الجمعة فلا تغتروا بقول المغترين.
أخرج أبو داود من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: قد اجتمع في يومكم هذا عيدان فمن شاء أجزأه عن الجمعة وإنا مجمعون. وعن يزيد بن أرقم رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم: العيد رخص في الجمعة، ثم قال: من شاء أن يصلي فليصل. وفي الموطإ قال عبيد ثم شهدت العيد مع عثمان بن عفان فجاء فصلى ثم انصرف فخطب وقال: إنه قد اجتمع لكم في يومكم هذا عيدان، فمن أحب من أهل العالية أن ينتظر الجمعة فلينتظهرها، ومن أحب أن يرجع فقد أذنت له.
جعلنا الله وإياكم من العائدين الفائزين وتقبل من ومنكم صيامكم إنه هو الرؤف الرحيم. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قد أفلح من تزكى، وذكر اسم ربه فصلى، بل تؤثرون الحياة الدنيا، والآخرة خير وأبقى، إن هذا لفي الصحف الأولى، صحف إبراهيم وموسى.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعنى وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم وتقبل مني ومنكم تلاوته إنه السميع العليم.
أوصيكم وإياي بتقوى الله فقد فاز المتقون، وأحثكم وإياي على طاعته في كل وقت لعلكم تفلحون. واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات واستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
سارانج يوم الخميس، 30/9/1407
ميمون زبير
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله من علينا بالنعم والآلاء والإنعام، المتوحد بالكبرياء والعظمة ذي الجلال والإكرام، فسبحانه وتعالى من إله جل وعلا يفعل ما يشاء وإليه مصير كل شيء وهو الملك العلام. نحمده ونشكره على جميع ما تفضل علينا من توالي نعمائه في جميع الأحيان والأيام نخص من ذلك أن جعلنا في هذا الشهر العظيم رمضان من أهل طاعته وخدمته بالصوم والقيام، ونرجو منه تبارك وتعالى أن يمن لنا بالقبول التام وجعلنا من عتقائه تعالى عن النيران دار الحزن والعذاب والآلام. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تنجينا من أهوال يوم القيامة. وأشهد أن سيدنا ومولانا محمدا عبده ورسوله -نبي الرحمة- نبي بعثه الله تعالى إلى جميع الناس كافة- سيد الأنبياء وخاتمهم فلا نبي بعده المخصوص بالمقام المحمود يحمده الأولون والآخرون فيشفع الخلائق كلهم غدا فيا له من أسنى المقام الذي لايعطى الأنبياء والمرسلون.
اللهم فصل وسلم على هذا النبي الكريم ذي السند العظيم الذي أنزل إليه القرآن الذي لا يأتيه الباطل تنـزيل من الله الحكيم سيدنا ومولانا محمد أكرم الخلائق طرا، وعلى آله المطهرين من الأرجاس والأدناس والأخباث تطهيرا، وعلى سائر أصحابه ومن تبعهم من الذاكرين الله ذكرا، وسلم تسليما كثيرا.
(أما بعد) فيا أيها المسلمون رحمكم الله تعالى اتقوا الله تعالى وأطيعوا أمره في السر والإعلان لعلكم تفلحون. واعلموا أن الله تعالى عظّم شهركم هذا من بين شهور العام وألزم عليكم في الصيام، ورغب لكم فيه بإكثار الخير وعمل البر والصلاة والقيام. فهذا الشهر أي شهر رمضان شهر كريم شهر أنزل الله فيه القرآن، الذي هو لاريب هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، وفق المولى تبارك وتعالى من ارتضاه بقراءته وتدبر معانيه في الليالي والأيام، فازدادت في قلبه أنوار الهداية والإيمان والإسلام، فسمع وأوعى وتفكر هذه الكائنات فكان من أولى النهى وداوم في الخيرات واستقام، فيكون له غدا في خير منزل ومقام.
أيها المسلمون رحمكم الله ! في هذا الشهر العظيم أعز الله تعالى الإسلام جعل الله كلمته العليا وكلمة الكفر هي السفلى، كذلك في شهر الصيام شهر رمضان نصر الله تعالى محمدا وأصحابه في وقعة بدر قتل فيها صناديد كفار قريش، كذلك في شهر رمضان أنجز الله وعده وصدق وعده بالنصر المبين فتح مكة، كذلك في شهر رمضان أبطل دعائم الشرك وهدم الأصنام والأوثان وترفرفت أعلام النصر ولواء الفتح وتليت أيات التقديس والذكر والقرآن، وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا، قرأها نبينا وحبيبنا وشفيعنا محمد صلى الله عليه وسلم وهو يهدم الأصنام والأوثان. كذلك في أثناء هذا الشهر العظيم شهر رمضان فتح الله تبارك وتعالى لواء النصر في وقعة البدر الكبرى التي سميت بيوم الفرقان يوم التقى الجمعان. كذلك في هذا الشهر العظيم شهر رمضان فكان شهر رمضان شهر النصر وشهر الفتح وشهر الرفعة لأهل الإسلام والإيمان وشهر الذل وشهر الهوان وشهر الخذلان على الكفرة وأهل الفجور والفسقة وأهل العصيان اتباع الهوى وجنود إبليس وأعوان الشيطان، فأكرموا شهركم هذا أيها الإخوان الكرام بإكثار الطاعة والتضرع والدعاء وملازمة القيام وقراءة آيات القرآن في أثناء الليالي والأيام ولازموا التضرع لمولاكم أن وفقكم لما فيه رضاه عسى أن يمن عليكم أن أعاد إليكم مجدكم وعزتكم كما عليه أوائلكم فيما مضى من الدهور والأعوام فقد طال عليكم ما أصابكم من المصائب والذلان إن هذا ليس بما كسبت أيديكم من ارتكاب النواهي ومخالفة شرائع القرآن.
فهذا شهر عظيم -شهر رمضان- شهر تغلق فيه أبواب النيران وتفتح فيه أبواب الجنان وصعد فيه جنود الشيطان فتوبوا يا أهل الإيمان واستشعروا واستشعروا بما أصابكم مما عليكم فأيام رمضان قد تبينت فلا يفت عنكم شهر رمضان، وأقول لكم مرة ثانية هذه أيام شهركم بقيت عندكم فاغتنموا فاغتنموا كيلا يفوت مغانيم الخيرات، فإن في رمضان تضاعف فيه الحسنات وتقال فيه عنكم السيئات والعثرات لمن أراد ذلك بالتشمر والجد لعمل الطاعات والتزكي عن المخذلات والمعصيات بالتوبة والاستغفار في أسعد هذه الأوقات. فتوبوا أيها الإخوان توبة في هذا الشهر العظيم شهر مضاعفة الحسنات شهر نزول البركات ولاتكونوا ممن كان في قلبه غلظة وقسوة إذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المصير. فاتقوا الله ثم اتقوا الله تعالى ثم اتقوا الله لعلكم تفلحون.
ففي هذا الشهر العظيم من المزايا ما يخفى على مريد خير من أهل الإسلام –ومن أعظمها ليلة القدر التي هي أعظم من ألف شهر كما هو معلوم بين الأنام- فشمروا أيها الإخوان في ليالي هذا الشهر بالعبادة والذكر وتلاوة القرآن لتبلغوا المرام إذ ليس غرض الصوم مجرد إمساك الشرب والطعام بل لكي يزداد لكم التقوى ورشخ في قلوبكم شجرة الإيمان ومباني الإسلام. فأكثروا بالصدقات وإنفاق الأموال في مساعي الخيرات وتعظيم شعائر الدين مما يرضى ربكم العلام. فبهاهوذا مسجدكم قد طلب منكم أن تنفقوا لأجل إصلاحه وتعميره كما هو معلوم لديكم أيها الإخوان الكرام. ظهر بهذا صدقكم وعدمه ممن أنفق منكم ومن بخل منكم، ومن يبخل فإنما يبخل لنفسه والله الغني وأنتم الفقراء – وإن تتولوا يستبدل قوما قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم – فاتقوا الله عباد الله واقتدوا نبيكم – فإنه نبي كريم – يجود وإنه في هذا الشهر العظيم في غاية جود – أجود من الريح المرسلة – فاستبقوا الخيرات أيها المسلمون لعلكم ترحمون.
الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصعدت الشياطين. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد المئزر.
هذا وأختتم خطبتي هذه بقراءة أية القرآن العظيم فإنها أحسن مواعظ لمن ألقى السمع وله قلب سليم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، إنا أنزلناه في ليلة القدر، وما أدراك ما ليلة القدر، ليلة القدر خير من ألف شهر، تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر، سلام هي حتى مطلع الفجر.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله العلي المنان، مدبر الخلائق على وفق ما سبق في الكتاب ما شاء الله كان فلا ند ولاشريك له في ألوهيته تفرد وتوحد في الإيجاد والتدبير في أي زمان وأي مكان لا إله إلا الله فلارب سواه ولا معبود بالحق إلا هو فهو القادر المستعان. أحمده تعالى وأشكره على ما أولانا بالنعم والآلاء التي أجلها الهداية إلى الإسلام والإيمان وأرجو من فضله جل وعلا أن يديم لنا على هذه الملة إلى أن نلقاه غدا ونحن على أحسن الحال والشأن مع أهل البر والتقوى في جنات تجري من تحتها الأنهار، وذلك الفوز العظيم والفضل الجسيم. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تنجينا من أهوال يوم القيامة شهادة تبرأنا بها من كل معبود سواه فلا ملجأ ولا منجأ سواه، فهو المسعد وهو المشقي وهو الخالق لكل شيء فلاخالق سواه ولا نبعد ولا نستيعن إلا إياه. وأشهد أن سيدنا ومولانا محمدا عبده ورسوله سيد الأولين والآخرين وآخر الأنبياء والمرسلين أرسل الله سبحانه وتعالى رحمة للعالمين، وأظهر الحق والباطل وبين شرائع الدين وطرق الخير والسعادة. فمنهم من اتبعه ومنهم من عانده حتى أن فتح الله تعالى له وللمسلمين فتحا بينا – وقل جاء الحق وزهق الباطل – وظهر الإسلام ظهورا بينا – وأبطل الكفر وكسر صناما وأوثانا.
اللهم فصل وسلم على نبيك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه الذين جاهدوا لهذا الدين الحنيف فنالوا بذلك فضلا ورضوانا، صلاة وسلاما دائمين متلازمين ما تليت آيات الله تعالى سرا وإعلانا وما ذكر الله تعالى ذاكر إلا وهو أجل كل شيء وما يكون ذلك إلا توفيقا وإحسانا.
(أما بعد) فيا عباد الله، اتقوا الله تعالى واعلموا أنه قد مضى عليكم شهر كريم شهر يضاعف فيه أجر الحسنات تكفر فيه الذنوب والسيئات، وهو شهر الله تعالى الذي مسمى بشهر رمضان، وشهر فيه أنزل الله تعالى الفرقان فهنيئا لمن قد عظم الله تعالى ذلك الشهر بالصوم والقيام وتلاوة القرآن وطوبى لهم ثم طوبى لهم إذ قد زكاه ربه عن وسخ الذنوب وأرجاس المآثم والعصيان، حنى أن نالوا من الأجر والثواب فأوعده الشارع من أعظم الخصلة والشأن. فيا خسارة من لم يؤد حقوق رمضان ولا قام ولا اعتنى بشأنه فأهمله ولا يتلو فيه القرآن ويا شقاوة من اتبع هواه ودواعي الشيطان فلم يصم من شهر رمضان فعليه الويل والذلة والخسران فهلك مع الهالكين.
عباد الله اعلموا أن قبول الأعمال أن تعقب بعدها صالح الأعمال، فيكون العامل بعد ذلك على أحسن الحال وأشرف الخصال، وكونوا على أنفسكم محاسبين وتفكروا فيما على أحوالكم وشؤنكم وأفعالكم هل تكونون على أحسن الحال وأشرف الخصال، أم تكونون على عكس من ذلك، فكونوا في ذلك على الاعتناء وذوي البال. واتقوا ربكم الذي يراقبكم في أي زمان ومكان، ويعلم سركم وجهركم ويكتب جميع ما ارتكبتم من الإثم والطغيان. فأطيعوا الله تعالى ولازموا تقواه ولا تكونوا من الذين قست قلوبهم وتكونون منهمكين في الإسم والفجور والفسق في السر والإعلان.
ثم اعلموا أيها المسلمون أنكم في الدنيا أضغاث أحلام، ولا تكونون فيها على البقاء والدوام، بل إنكم ترحلون إلى دار الأخرة وهي دار البقاء والمقام. فاتقوا الله عباد الله واحذروا الظلم وابتعدوا عن أسبابه واحذروا الشخ أي البخل والحرص في الدنيا وأسبابها فإنه سبب لشقاوة الشخص وهلاكه، فإن الشخ كما لا يخفى والحرص للدنيا علامتان لنسيان العقبى والأخرى، فكأنه يبقى في هذه الدنيا ولا يذكر الآخرة بل ولا يخافها فتنسى فيحرص لجمع الدنيا وخطامها، فيجري ذلك إلى سفك الدماء وضرب الرقاب حرصا على استنشار المال ونيل الدرجات في هذه الدنيا لذكر العجل ونسيان المآل، فلا تركنوا إلى الدنيا ولا تتخذوها وطنا، -بل اتخذوها كأنها طريقا- للأعمال الصالحة للعاقبة الحسنى، وبادروا بالتوبة والأعمال الصالحة تكونوا من المفلحين الفائزين.
الحديث عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشخ فإن الشخ أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محاربهم، وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال: كن في الدنيا كأنك غريق أو عابر سبيل. وكان ابن عمر رضي الله عنه يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك.
إن أحسن المواعظ الشافية كلام من لا يخفى عليه خامية، فالله تعالى يتولى وهو أصدق القائلين، وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض، أعدت للمتقين، الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس، والله يحب المحسنين.
Subscribe to:
Posts (Atom)