Khutbah Jum'ah KH Maimoen Zubair Keenam


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي خضع له الكائنات في جميع الأرضين والسموات، سجد له كل شيء كائن من أي مادة كان حيوانات وجمادات، يسبح له ما في السموات والأرض وما يعلم تسبيحه إلا هو، وكل له خاضعون. نحمده تعالى ونشكره على توالي الآلاء والنعماء شكر من أخلص مقرا لربوبيته تعالى وكل إليه تعالى يفتقرون، وهو تعالى غني عن كل ما سواه غنيا مطلقا وكل إليه راجعون.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة من اعترف بألوهيته وانفراده بإبداع هذه الكائنات فكل تحت قهره على وفق إرادته يفعل ما يشاء لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، وأشهد أن سيدنا ومولانا محمدا عبده ورسوله أرسله تعالى لهداية الناس وإرشادهم ليكونوا على أقوم الطريق ولا يتبعون السبل فيضلوا عن سبيله تبارك وتعالى وهم عن الحق مائلون.
اللهم فصل وسلم على عبدك وحبيبك محمد وعلى آله وأصحابه الذين اختارهم الله بصحبة نبيهم فهم سادة هذه الأمة، فيا سعادة من اقتفى واهتدى بهديهم، صلاة وسلاما دائمين ما تعاقب الليل والنهار وما طلعت الكواكب والنجوم الزاهرات التي بها يهتدون.
أما بعد، فيا عباد الله، اتقوا الله تعالى واعلموا أن هذه الكائنات سواء كانت جمادات ونباتات أو حيوانات كلها خاضعة لله ومقهورة على حسب إرادته، سائره إلى الوجهة التي حيث كانت مشيئته تعالى هي التي تحقق إليها على حسب مقتضى الحكمة الإلهية، فلو خرجت الكواكب عن مدارتها أو الأرض عن موقعها والشمس عن مستقرها لتعرضت الكائنات إلى الأفغلات عن انتظام، فتعرضت الكائنات إلى الفناء والانعدام، فسبحان من خلق الكائنات ودبرها وتفرد بتدبيرها حيث شاء وأراد، وانفذ إرادته بما شاء بالقهر والاستبداد ولا يبالي بما في نفوس الخلائق والعباد، فكل من هذه الكائنات خاضعة له تبارك وتعالى وهم خاضعون وله تعالى ساجدون. طلعت الشمس من مشرقها وتغرب من مغربها وكذلك النجوم الزواهر، فالكل بأمره تعالى طائعون والملائكة مدى الدهور في جميع الليالي والنهار يتعاقبون، ولله يسجد ما في السموات والأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون.
فاتقوا الله عباد الله، واشكروا له تعالى أن وفقكم بهذا الدين الحنيف الذي ظهرت حقيقته، فمن يبتغ غيره فهم الذين أخطاؤا وهم ضالون. أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون، فلا أحد يملك التمرد ولا التكبر ولا يستطيع الرفض لإرادة الله تعالى ولا الخروج عن حكمته وتدبره جل وعلا، فالمتمردون والمعاندون وكذلك الكافرون، إنما كفروا بإضلال الله تعالى وإغوائه فهم في الضلال تائهون. وسيكونون غدا يوم القيامة نادمون، ولا ينفعهم الندم فقد كانوا في الدنيا لا يؤمنون، وعن ذكر الله تبارك وتعالى معرضون، ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكى ونحشره يوم القيامة أعمى، قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا. قال كذلك أتتك أياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى، فاتقوا الله عباد الله واشكروا مولاكم أن هداكم للإيمان والإسلام والتصديق بما جاء به رسوله الأكرم نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، ولازموا على طاعة مولاكم وعبادته واتعظوا بالمواعظ مع تدبر آيات مولاكم العلام مما في هذه الأرض والسموات من حيوانات وجمادات ونباتات كلها لله على العبودية والخضوع والاستسلام، فطوبى لمن تفكر هذه الكائنات وتدبرها بصفة الاتعاظ والتذكر في الليالي والأيام، واستشعروا بعبوديته وأن ما في الكائنات لم يخلق باطلا ولا عبثا بل للاتعاظ والأذكار والتفكر والاعتبار، وأنها إنما تتكون على مقتضى إرادة العزيز الجبار الذي استبد وتفرد بإيجادها حيث أراد ويشاء وكل بمقدار.
أيها المسلمون رحمكم الله، اتقوا الله تعالى وأخصلوا له تعالى في طاعتكم وجميع أعمالكم من الحج والصلاة والصيام، أخصلوا لمولاكم تكونوا غدا من الفائزين من ورثة جنة النعيم التي تجري من تحتها الأنهار، هذه هي الذكرى لمن ألقى السمع من أولى الألباب والأبصار، فاتقوا الله عباد الله ولا تغرنكم مدد الأعمار، فإنها وإن طالت والله لهي قصار وتزودوا من ممركم لمقركم فإن الدار الآخرة هي دار القرار.
فاخلصوا أعمالكم لربكم ولاتكونوا من الذين يريدون فى هذه الأرض علوا وفسادا وقرار. وكونوا عباد الله لربكم طائعون ولأمره مؤتمرون وعن نواهيه منتهون تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لايريدون علوا فى الأرض ولافسادا والعاقبة للمتقين- فلازموا طاعة مولاكم واصبروا فى هذه الدنيا على ما انتم عليه من الاستمساك بهذا الدين ومع الذين امنوا وعبدوا الله مخلصين له الدين _ واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغدوة والعشى يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريدون زينة الحياة الدنيا ولا تطع من اغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان امره فرطا. هذه عظتى اعظها لنفسي واياكم فمن سمع فقد افلح وتزكى ومن اعرض عن ذلك فقلبه اعمى – ومن كان فى هذه اعمى فهو فى الآخرة اعمى واضل سبيلا
بارك الله لي ولكم فى القرآن العظيم ونفعنى واياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم وتقبل منى ومنكم تلاوته انه هو السميع العليم وقل رب اغفر وارحم وأنت أرحم الراحمين

0 comments:

Post a Comment