Khutbah Jum'ah KH Maimoen Zubair Kelima


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله من علينا بالنعم والآلاء والإنعام، المتوحد بالكبرياء والعظمة ذي الجلال والإكرام، فسبحانه وتعالى من إله جل وعلا يفعل ما يشاء وإليه مصير كل شيء وهو الملك العلام. نحمده ونشكره على جميع ما تفضل علينا من توالي نعمائه في جميع الأحيان والأيام نخص من ذلك أن جعلنا في هذا الشهر العظيم رمضان من أهل طاعته وخدمته بالصوم والقيام، ونرجو منه تبارك وتعالى أن يمن لنا بالقبول التام وجعلنا من عتقائه تعالى عن النيران دار الحزن والعذاب والآلام. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تنجينا من أهوال يوم القيامة. وأشهد أن سيدنا ومولانا محمدا عبده ورسوله -نبي الرحمة- نبي بعثه الله تعالى إلى جميع الناس كافة- سيد الأنبياء وخاتمهم فلا نبي بعده المخصوص بالمقام المحمود يحمده الأولون والآخرون فيشفع الخلائق كلهم غدا فيا له من أسنى المقام الذي لايعطى الأنبياء والمرسلون.
اللهم فصل وسلم على هذا النبي الكريم ذي السند العظيم الذي أنزل إليه القرآن الذي لا يأتيه الباطل تنـزيل من الله الحكيم سيدنا ومولانا محمد أكرم الخلائق طرا، وعلى آله المطهرين من الأرجاس والأدناس والأخباث تطهيرا، وعلى سائر أصحابه ومن تبعهم من الذاكرين الله ذكرا، وسلم تسليما كثيرا.
(أما بعد) فيا أيها المسلمون رحمكم الله تعالى اتقوا الله تعالى وأطيعوا أمره في السر والإعلان لعلكم تفلحون. واعلموا أن الله تعالى عظّم شهركم هذا من بين شهور العام وألزم عليكم في الصيام، ورغب لكم فيه بإكثار الخير وعمل البر والصلاة والقيام. فهذا الشهر أي شهر رمضان شهر كريم شهر أنزل الله فيه القرآن، الذي هو لاريب هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، وفق المولى تبارك وتعالى من ارتضاه بقراءته وتدبر معانيه في الليالي والأيام، فازدادت في قلبه أنوار الهداية والإيمان والإسلام، فسمع وأوعى وتفكر هذه الكائنات فكان من أولى النهى وداوم في الخيرات واستقام، فيكون له غدا في خير منزل ومقام.
أيها المسلمون رحمكم الله ! في هذا الشهر العظيم أعز الله تعالى الإسلام جعل الله كلمته العليا وكلمة الكفر هي السفلى، كذلك في شهر الصيام شهر رمضان نصر الله تعالى محمدا وأصحابه في وقعة بدر قتل فيها صناديد كفار قريش، كذلك في شهر رمضان أنجز الله وعده وصدق وعده بالنصر المبين فتح مكة، كذلك في شهر رمضان أبطل دعائم الشرك وهدم الأصنام والأوثان وترفرفت أعلام النصر ولواء الفتح وتليت أيات التقديس والذكر والقرآن، وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا، قرأها نبينا وحبيبنا وشفيعنا محمد صلى الله عليه وسلم وهو يهدم الأصنام والأوثان. كذلك في أثناء هذا الشهر العظيم شهر رمضان فتح الله تبارك وتعالى لواء النصر في وقعة البدر الكبرى التي سميت بيوم الفرقان يوم التقى الجمعان. كذلك في هذا الشهر العظيم شهر رمضان فكان شهر رمضان شهر النصر وشهر الفتح وشهر الرفعة لأهل الإسلام والإيمان وشهر الذل وشهر الهوان وشهر الخذلان على الكفرة وأهل الفجور والفسقة وأهل العصيان اتباع الهوى وجنود إبليس وأعوان الشيطان، فأكرموا شهركم هذا أيها الإخوان الكرام بإكثار الطاعة والتضرع والدعاء وملازمة القيام وقراءة آيات القرآن في أثناء الليالي والأيام ولازموا التضرع لمولاكم أن وفقكم لما فيه رضاه عسى أن يمن عليكم أن أعاد إليكم مجدكم وعزتكم كما عليه أوائلكم فيما مضى من الدهور والأعوام فقد طال عليكم ما أصابكم من المصائب والذلان إن هذا ليس بما كسبت أيديكم من ارتكاب النواهي ومخالفة شرائع القرآن.
فهذا شهر عظيم -شهر رمضان- شهر تغلق فيه أبواب النيران وتفتح فيه أبواب الجنان وصعد فيه جنود الشيطان فتوبوا يا أهل الإيمان واستشعروا واستشعروا بما أصابكم مما عليكم فأيام رمضان قد تبينت فلا يفت عنكم شهر رمضان، وأقول لكم مرة ثانية هذه أيام شهركم بقيت عندكم فاغتنموا فاغتنموا كيلا يفوت مغانيم الخيرات، فإن في رمضان تضاعف فيه الحسنات وتقال فيه عنكم السيئات والعثرات لمن أراد ذلك بالتشمر والجد لعمل الطاعات والتزكي عن المخذلات والمعصيات بالتوبة والاستغفار في أسعد هذه الأوقات. فتوبوا أيها الإخوان توبة في هذا الشهر العظيم شهر مضاعفة الحسنات شهر نزول البركات ولاتكونوا ممن كان في قلبه غلظة وقسوة إذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المصير. فاتقوا الله ثم اتقوا الله تعالى ثم اتقوا الله لعلكم تفلحون.
ففي هذا الشهر العظيم من المزايا ما يخفى على مريد خير من أهل الإسلام –ومن أعظمها ليلة القدر التي هي أعظم من ألف شهر كما هو معلوم بين الأنام- فشمروا أيها الإخوان في ليالي هذا الشهر بالعبادة والذكر وتلاوة القرآن لتبلغوا المرام إذ ليس غرض الصوم مجرد إمساك الشرب والطعام بل لكي يزداد لكم التقوى ورشخ في قلوبكم شجرة الإيمان ومباني الإسلام. فأكثروا بالصدقات وإنفاق الأموال في مساعي الخيرات وتعظيم شعائر الدين مما يرضى ربكم العلام. فبهاهوذا مسجدكم قد طلب منكم أن تنفقوا لأجل إصلاحه وتعميره كما هو معلوم لديكم أيها الإخوان الكرام. ظهر بهذا صدقكم وعدمه ممن أنفق منكم ومن بخل منكم، ومن يبخل فإنما يبخل لنفسه والله الغني وأنتم الفقراء – وإن تتولوا يستبدل قوما قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم – فاتقوا الله عباد الله واقتدوا نبيكم – فإنه نبي كريم – يجود وإنه في هذا الشهر العظيم في غاية جود – أجود من الريح المرسلة – فاستبقوا الخيرات أيها المسلمون لعلكم ترحمون.
الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصعدت الشياطين. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد المئزر.
هذا وأختتم خطبتي هذه بقراءة أية القرآن العظيم فإنها أحسن مواعظ لمن ألقى السمع وله قلب سليم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، إنا أنزلناه في ليلة القدر، وما أدراك ما ليلة القدر، ليلة القدر خير من ألف شهر، تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر، سلام هي حتى مطلع الفجر.

0 comments:

Post a Comment