Khutbah Jum'ah KH Maimoen Zubair Kesembilan


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الواحد الأحد الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، لا تدركه الأبصار ولا يحتويه الأقطار، ولا يغنيه الليل والنهار، ولا يخفى عليه الإعلان ولا الإسرار، سبحانه الواحد القهار. نحمده سبحانه وتعالى على ما أولانا بالهداية التي هي أعظم النعمة إذ بها يدخل أحد الجنة دار النعمة للأبرار، تحتها تجري الأنهار، وفواكه كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة وفرش مرفوعة للأبكار. أشهد أن لا إله إلا الله لا شريك له فى سلطانه ولا مناوى له فى علو شأنه، العزيز الذي لا يغلب ولا يذل، فكل ما سواه زائل مضمحل، يقبل تائبا ويعطي محروما ويفقر غنيا ويغني فقيرا ويهلك ظالما، ويخفض طائفة ويرفع أقواما، فيا عدل الله من إله تقدس عما لا يليق به ولا يظلم ظلما، وأشهد أن سيدنا ومولانا محمدا مخرجنا من الظلمات إلى النور، ومنقذنا من الضلال والفساد والفجور.
اللهم فصل وسلم على سيدنا وحبيبنا النبي الكريم محمد وعلى آله الطهرة من الأرجاء وأصحابه ومن تبعهم بهداهم من بعدهم من مؤمن الجن والناس، صلاة وسلاما دائمين متلازمين إلى يوم البعث يوم المعاد.
أما بعد: أيها الإخوة رحمكم الله تعالى، أوصيكم وإياي بتقوى الله فإنها وصية الأولين والآخرين، وصية النبيين والمرسلين وأتباعهم من العلماء العاملين من أول بدء الخلق إلى انتهاء فناء الدنيا وما فيها وإلى الله تعالى كل صائرون، أيها الإخوة أحباب الحبيب المصطفى محمد نبي هذه الأمة حديثي إليكم اليوم فى مجتمع اجتماعنا الأسبوعي العظيم يوم الجمعة الكريم حول التوحيد، توحيد الله فى الإيجاد والتدبير واستحقاق العبادة له فقط فلا معبود سواه ولا نعبد إلا إياه له الخلق والأمر تبارك الله خير الخالقين، أيها المسلمون من أول ما تميز به الإسلام هو مخاطبته للعقل حتى يصل إلى الحقائق، انظر يا أخي إلى الثعبان واسأله كيف تعيش وهذا السم يملأ فاك من يدبر ذلك سيقول لك الله، واسأل الفيل من الذي يرزقك مع ضخامة جسمك ولا ينسى النملة مع ضآلة حجمها وبما يضره فى بعض أحيانه، سيقول لك بلسان حاله الله، واسأل الجبال من الذي ثبتك أوتادا، حتى لا تهتز الأرض التي ليس علاقة ثابتة فى الهواء، ستقول لك الله، واسأل الفلك الذي تسبح فيها الشمس والقمر، والكواكب المضيئة لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل فى فلك يسبحون، سيقول لك الله واسأل الهواء الموجود بين الأرض والسماء، كيف تحسه الأيدي ويخفى عن أعين الناس من أخفاك سيقول لك الله واسأل الأبيض الذي يولد من أبوين أسودين من ذا البياض أتاك سيقول لك الله واسأل الأسود الذي ولد من أبوين أبيضين فمن ذا بالسواد رماك سيقول لك الله، واسأل المريض الذي كاد يموت ثم صح وعوفي من عافاك سيقول لك الله واسأل الصحيح كيف تكون صحيحا قويا ثم أصبحت جسدا هامدا من سلب قوتك وروحك فى أقل من لمح البصر سيقول لك الله، واسأل البصير له عينان براختان ويسير وسط الزحام بلا قائد فمن ذا يقود خطاك؟ سيقول لك الله واسأل الضرير والأعمى كيف تسير وسط الزحام يتخبط بهذا وذاك ويهوى فى صفرة كان يعمل حسابها، من الذي أهواك سيقول لك الله، واسأل العالم كله بأجمعه النجوم والكواكب والصحراء والخضراء والبر والبحر وكل ذي رطب ويابس، اسألهم من الذي خلقكم؟ سيقول لك فى وقت واحد وبلسان حال واحد، وتتفاعل معك الدنيا بأسرها لتجيب لك يقولون خلقنا الله رب العالمين.
أيها المسلم العزيز رحمك الله إن كثيرا من آيات ربك تناشدك التوحيد الحق وتطالبك بالإخلاص لربك، وهل هناك من يستحق مصفى التوحيد غير مولانا جل وعز، غير الله الواحد الأحد، غير الله الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، فلتقرأ سويا قول ربك فى صفات عباد الله الرحمن، والذي لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون. ولقد ذم الله قوما اتخذوا من دونه أندادا، تقدس الله عن الأنداد، ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله.
ومن هذا كله ندرك أن المؤمن لا يكون مؤمنا والموحد لا يكون موحدا إلا إذا تجرد من نفسه وهواه، وتجرد من شهواته وأنانيته. وكره من أوهامه ووساوسه وملأ قلبه بحب الله وحدهأ الذي خلقني فهو يهدين والذي هو يطعمني ويسقين، وإذا مرضت فهو يشفين، والذي يميتني ويحيين، والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين. فربك يا أخي هو الذي أشرف على روحك قبل أن تدخل جسدك وهو الذي كونك هذا التكوين البديع وقبل ذلك وبعد ذلك حياتك وموتك وطعامك وشرابك وسعادتك وشقاوتك وعزك وذلك ومصيرك ومآلك، ذلك بيد الله الواحد القهار.
أيها الإخوة الأعزاء، أيها المسلمون الكرماء أيها الأفاضل النبلاء، قال أحد العارفين بالله وهو يناجي ربه سبحانك ربي آمن بك المؤمن ولم ير ذاتك وجحدك الجاحد ووجوده فى فلكك دليل وجودك وعظمة ذاتك، وقيل للإمام علي رضي الله عنه متى كان الله؟ فقال متى لم يكن؟ قيل له فما الدليل على وجوده فقال متى غاب سبحانه هو الأول فلا شيء قبله والآخر فلا شيء بعده والظاهر فلا شيء فوقه والباطن فلا شيء دونه. سبحانه علا فقهر - وبطن فخبر - وسلك فقهر.
أيها المؤمنون اجعلوا الله أمامكم فى كل شيء إذا اشتريت تذكر الله وإذا بعت تذكر الله، وإذا تحركت وسكنت وكسبت ورقدت تذكر الله وعند ما تتزوج تذكر الله، تذكر الله في متجرك ومصنعك وفي بيتك وفى كل وقت من أوقاتك تجد الله معك يؤازرك ويوفقك ويسدد خطاك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال عبد لا إله إلا الله قط مخلصا إلا فتحت له أبواب السماء حتى يفض إلى العرش ما اجنب الكبائر. وقال صلى الله عليه وسلم جددوا إيمانكم قيل يا رسول الله وكيف نجدد إيماننا قال أكثروا قول لا إله إلا الله. وفى الأثر: التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
بارك الله لي ولكم فى القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، وتقبل مني ومنكم تلاوته إنه هو السميع العليم، إنه هو البر الكريم الرؤوف الرحيم.

0 comments:

Post a Comment