Khutbah Jum'ah KH Maimoen Zubair Kesepuluh


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي تفضل علينا بنعمة الهداية، هدانا سبحانه وتعالى بالتدين بهذا الدين وهذه الملة، التي جاء بها نبي هذه الأمة المرحومة، النبي الذي خصه الله تعالى من بين سائر الأنبياء بالمعجزات الباهرة، التي من بينها معجزة الإسراء والمعراج. نحمده سبحانه وتعالى ونشكره على تضاعف النعماء والآلاء. أشهد أن لا إله إلا الله وحده وأشهد أن سيدنا ومولانا محمدا عبده ورسوله لانبي بعده.
اللهم فصل وسلم وبارك على رسولك محمد الذي أيدته ونصرته على من عاداه وكاده، وعلى آله  وأهل بيته الذي أذهبت عنهم الأرجاس وطهرتهم تطهيرا، وأصحابه الذين نصروا هذا الدين ونشروه فى أنحاء البلاد نشرا، وعلى أتباعهم من كل من له البشرى.
أما بعد: فيا عباد الله رحمكم الله تعالى اتقوا الله تعالى حق التقوى وأخلصوا أعمالكم لربكم كي تنالوا مرضاه فتفوزوا بالجنة المأوى، واعلموا أنه فى مثل هذا الشهر العظيم شهر رجب أسرى الله عبده محمد من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم أعرجه سبحانه إلى السموات العلى فدنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إليه ما أوحى، قال الله تعالى فى قرآنه الكريم بسم الله الرحمن الرحيم سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. أسرى الله تعالى بعبده محمد سيد المرسلين أي سيره ليلا من مسجد مكة هو المسجد الحرام الذي هو أول مسجد بناه الله تعالى وفيه الكعبة المعظمة قبلة المسلمين إلى المسجد الأقصى الذي هو البيت المقدس سماه الله تعالى الأقصى لبعده من المسجد الحرام بمسافة أربعين ليلة وهذا أبلغ فى الإعجاز حتى تكون تلك الرحلة فى مدة قليلة جدا وأراه سبحانه تعالى من آياته الكبرى، وفى تلك المدة القليلة من الليل قطع المسافات الشاسعة البعيدة من العالم السفلى إلى السموات العلى، فدنا فتدلى فقاب قوسين أو أدنى. وفى الحديث الشريف ثم أرده من العرش قبل أن يبرد الفرش وقد نال جميع المآرب. فهذه هي المعجزة الشريفة التي خصها الله تعالى من بين سائر الأنبياء زيادة تبجيل وإكرام، فطوبى لمن آمن بها ففاز وسعد وأفلح ووعده الله بالجنة دار السلام، وحشره فى زمرة السعداء ممن صدق بها وفى مقدمهم أبو بكر الصديق كما ورد فى صحيح الأخبار، لا ينكره إلا متكبر أعماه الله بصره وبصيرته فى الفجار والكفار، وهذه المعجزة من الأمور الخارقة للعادة أكرم بها من له كمال القدرة ربنا جل وعلا نبيه العظيم ورسوله الكريم محمد عليه الصلاة والتسليم. فلهذا بدأ الله تعالى آية الإسراء بكلمة سبحان دلت على التقديس والتنـزيه عن صفات النقائص دلت على التعجب والإعجاب يعرف معاني مضامن هذه الآية من له الألباب. أسرى الله تعالى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي ظهرت بركاته وما حوله بأنواع البركات الحسية والمعنوية بالثمار والأشجار والأنهار، خص الله تعالى بتلك البركات بلاد الشام، وبكونه مد الأبنياء مهبط الوحي وقبلة الأنبياء قبل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وإلي تحشر الخلائق غدا يوم القيام كما جاء فى السنة النبوية.
أيها المسلمون رحمكم الله تعالى اتقوا الله تعالى واعلموا أن نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم سيد الأنبياء لقي فى سبيل نشر دينه من الأذى والعداء والبغضاء، ما لقي من قومه وأعدائه إلا الداء، فأكرم الله فى هذه الرحلة الأرضية والسماوية التي هي حفلة إكرام وتشريف أقامها الله تعالى لحبيبه ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم فى البيت المقدس أولا، جمع الله له الأنبياء والمرسلين فكان لهم قدوة وإمام، فصلوا بصلاته فأثنوه بكل ثناء فى ذلك المقام ثم أقامه ثانيا فى السموات وجمع له ملائكة فى كل سماء، استقبلته الملائكة وحبوا به واحتفلوا بجنابه كما احتفل به فى الأرض الأنبياء.  ذلك ليزيل عنه ما لاقاه من أذى قومه وليشعر محمد صلوات الله وسلامه عليه بأنه معظم عند الله ومحبوب وليس للناس كافة علو منـزلته عنده وأنه مقدم على غيره من الأنبياء والمرسلين. ومن حكمة هذا المعجزة العظيمة أن قصة الإسراء والمعراج أرتنا الإخوة القوية والمودة الصادقة بين الأنبياء والمرسلين وكل منهم يحيى الآخر بالتحيات القلبية وكلهم دعوتهم واحدة وهدفهم واحد ودستورهم واحد، ودينهم واحد وسبيلهم واحد وكلهم يدعون الناس إلى الله تعالى لابتغاء مرضاته يدعون الناس بالتنذير والبشرى لا اختلاف بينهم وكلهم يدعون الناس لسعادتهم دينا وأخرى، الإخلاص رائدهم والله مطلوبهم والسعادة مقصودهم وغرضهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون.
أيها الإخوة الأكرمون، أسعدكم الله بالتوفيق والهداية اتقوا الله واعلموا أن الإسراء والمعراج كانا قبل الهجرة بسنة ونصف من شهر رجب الأصم فى اليقظة لا فى المنام، وقد عاين صلى الله عليه وسلم فى تلك الليلة من الآيات العظام والأمور الجسام، وأنه فرض الله تعالى عليه وعلى الله خمس صلوات فى كل يوم وليلة وجعلها أشف خصال الإسلام، وجعلها ركنا من أركان الإسلام وجعلها دعامة من دعائم الإسلام. قال عليه الصلاة والسلام: الصلاة عماد الدين فمن أقامها فقد أقام الدين ومن تركها فقد هدم الدين، فأقيموا الصلاة ولازموا ذكر الله تعالى فيها مع مراعاة أركانها وشروطها وأدابها تكونوا من المفلحين، ثم اعلموا أنه كما وقعت معجزة الإسراء والمعراج فى شهر رجب أنه شهر كريم شهر عظيم وعظمته فى الجاهلية والإسلام، من الأشهر الأربعة الحرم كما نص بذلك القرآن، فأكرموا شهركم هذا بالتوبة وإكثار الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والاستغفار وبالصيام وغيره من العبادات كما جاء بذلك الأحاديث والأخبار من النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "من صام يوما فى رجب سقاه الله تعالى شرابا أحلى من العسل وأبيض من اللبن وأطيب من المسك صدق الله العظيم وصدق رسوله الكريم عليه الصلاة والتسليم، جعلنا الله وإياكم من المؤمنين الصادقين، وأسعدنا وإياكم فى الدنيا والآخرة فى زمرة الصالحين المتقين من الأنبياء والمرسلين وقل رب اغفر وارحم وأنت أرحم الراحمين.

0 comments:

Post a Comment