بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جعلنا من الذين تمسكوا بهذا الدين الحنيف، نحمده أن هدانا بهذا فلولا هدايته تبارك وتعالى لكنا في ضلال أسيف، ونشكره تعالى بذلك ونسأله التوفيق وداوم الهدى إلى أن نلقاه وهو بنا رؤوف رحيم لطيف. أشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له شهادة نتبوَّء بها للخلود في جنات تجري من تحتها الأنهار فيها نعيم مقيم وقصر منيف. وأشهد أن سيدنا ومولانا محمدا عبده ورسوله الشافع المشفع في يوم المحشر، نبي أرسله الله تعالى عمت رسالته في بني الأسود والأبيض والأحمر، جاءنا بالشرائع الغراء، فمن تمسك بها فقد نال الفوز الأكبر.
اللهم فصل وسلم على هذا النبي المؤيد بالمعجزات والبراهين كانت أضواؤها وأنوارها ساطعة إلى أن تصير ذات حمل تضع حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى، وعلى آله وأصحابه الذين جاهدوا لنصرة دينه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد، فيا أيها الناس ! اتقوا الله تعالى وافعلوا الخير لعلكم ترحمون. واعلموا أن الله تعالى لا يظلم مثقال حبة على عباده، فتعالى الله عن ذلك ولكن كانوا أنفسهم يظلمون، فما أصابهم من المصائب والبلايا كان ذلك عاقبة ما كانوا يكسبون، فلو أنهم بكل ما أراد بهم تبارك وتعالى يأتمرون وعن كل ما نهى عنه ينتهون وينـزجرون لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم وهم آمنون مطمئنون إلا أنهم يخالفون ما يؤمرون ويأتمرون ما دعتهم أنفسهم وأهواءهم منهم عينهم يتيهون ويعمهون فأصابهم ما أصابوا بظلمهم فما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون. فاتقوا الله عباد الله تكونوا من المفلحين، ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون. فما كان واقعا من هذه الأمة البلية والأخسة إلا نتيجة مصانعهم وأعمالهم.
أيها المسلمون ! عليكم بشكر هذه النعمة الجلية نعمة أن هداكم ربكم بالدخول من هذه الملة المحمدية التي كانت هي الملة ليست ما عداها إلا ضلالة وسفاهة، فالملة الإسلامية ملة أنقدت أهلها من ورطات الهلاك وعذاب بئيس فليس هناك سبيل إلى النجاة والسلامة إلا الأخذ بكلمة الإسلام كلمة التوحيد والإخلاص، لاإله إلا الله محمد رسول الله، من تمسك بهذه بكل إخلاص دخل الجنة دار السلام، جنة تجري من تحتها الأنهار لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما، وما ذلك إلا توفيقا وإحسانا ونعيما مقيما. فاشكروا مولاكم واحذروه وخافوه أن نزع وأذهب عن قلوبكم نور الإسلام والإيمان بكثرة ما ارتكبتم من المعاصي والطغيان. كيف وقد ظهرت بينكم وفيكم المنكر ودواعي النفوس والشيطان، فوالله إن ذلك سبب لقساوة القلوب حتى ما تأثرت بإبانة العبر والتذاكر والمواعظ فكأنها قد وجد هناك علف وحجاب الحرمان وإنه كما علم لدينا أن أبعد قلوب بني الإنسان عن ربنا الرحيم الرحمن، هي القلوب القاسية التي قد تحكم فيها صداء الران، كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون، كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون.
فاتقوا الله عباد الله وانتهو عما حذر وانزجروا عما نهاه تعالى وحذر – واحذروا المعاصي فإنها سبب للورطة السافلة كيف وإنها هي معنى كفر هذه النعمة نعمة الهداية لهذه الملة الحنيفة التي جاءت بها الرسالة المقدسة، إنني أخاف عليكم وأخاف على نفسي بسبب تراكم هذه الذنوب والآثام والمناكر التي لا تنفك مدى مضى الأزمان والأيام، أصوات المناكر والملاهي في دارنا على التوالي والحضور فيها هي التي عليها الاعتناء والاهتمام ما يبالون بعاقبة ذلك وقد كان عاقبة ذلك الخسران والندامة والملام – كيف لو خضتم في هذا الورطة فغير الله ما لديكم عن هذه النعمة نزع الله عن قلوبكم الهداية أذهب الله عنكم نور هذه الملة المحمدية، فإن الله تعالى ربما يغير نعمة أنعمها على أحد بسبب ارتكاب ذنب دائم ومعصية هذه الخصلة شاملة في النعمة الدينية والدنيوية كما أفصح بذلك الفرقان الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم. وقال تعالى في أية أخرى: إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم – وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال – وقال تعالى في أية أخرى: أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ اْلأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ.
جعلنا الله وإياكم من المتقين المفلحين، ونور قلوبنا بنور الهداية فإنه هادي المهتدين ومجيب السائلين. هذه هي موعظتي فطوبى لمن اتعظ وتذكر، فيا خسارة من لم يتعظ ولم يتدبر، ومن كل ما نهى الله منه لم ينته ولم يتزجر، وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم وبئس المهاد، إن أحسن المواعظ الشامية كلام من لا غش عليه جامعه وهو تعالى يتولى، وبقوله يهتدي المهتدون، وبقوله يتعظ المتعظون، فأفلحوا غدا في الجنة منعمون، وإذا قرئ عليهم القرآن فاستمعوا وأنصتوا لعلكم ترحمون، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَاْلإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَ يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَاْلأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ.
0 comments:
Post a Comment