بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الكريم المنان، مجزل العطاء والإحسان، لانحصي نعمه جل وعلا، وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها، فسبحان المنفرد بالجود والامتنان الذي خص من أخلص له الدين بالولاية والرضوان. نحمده على ما أولانا بالنعمة العظمى هي هدايته بالتوفيق والإيمان، ونشكره تعالى على جميع نعمائه دنيا وأخرى شكرا نستزيد به توالي آلائه. والشكر سبب ذلك كما هو نص القرآن كتاب الله الناطق الذي يستهدي بهديه أولوا الهداية والعرفان. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تنجي قائلها من الأهوال والخلود في عذاب النيران، وأشهد أن سيدنا ومولانا محمدا عبده ورسوله أرسله تبارك وتعالى رحمة لبني الإنس والجان، يشفع الخلائق غدا يوم القيامة يوم لا تملك نفس نفسها - وكلهم إنما يرجون شفاعة نبي الرحمة.
اللهم فصلّ وسلم على حبيبك ونبيك محمد سيد المرسلين وشفيع المؤمنين وعلى آله الطاهرين الطبيبن وعلى جميع أصحابه البررة المتقين، صلاة وسلاما دائمين إلى يوم الدين.
أما بعد، فيا عباد الله ! اتقوا الله تعالى وكونوا من الذاكرين. قال الله تعالى وهو أصدق القائلين: يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبِّحوه بكرة وأصيلا، هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور – وكان بالمؤمنين رحيما – تحيتهم يوم يلقونه فيها سلام – وأعد لهم أجرا كريما. صدق الله العظيم.
عباد الله رحمكم الله تعالى، اعلموا أن الله تعالى تبارك جل وعلا أمر عباده المؤمنين بكثرة ذكرهم لربهم الذي أنعم عليهم بأنواع النعم وصنوف المنن ذكرا كثيرا بكرة وأصيلا، ووعد جل وعلا في ذلك بجزيل الأجر وجميل المآب، فطوبى لمن يتلبى بوفاء أمر ربه في هذه الحياة الدنيا فنال عظيم الأجر والثواب. فأكثروا ذكر ربكم في جميع الأحوال والآوان تكونوا لديه من المقربين وتنالوا السكينة والاطمئنان كما هو منصوص في كتاب القرآن، فكم من آيات أثنى الله تبارك وتعالى بها عباده الذاكرين وخصهم من بين عباده المتقين فلهم بذلك الدرجات العلى والمحاسن التي لا تعد ولا تحصى. قال الإمام أحمد حدثنا يحيى بن سعيد عن عبد الله بن سعيد حدثني مولى ابن عياش عن أبي بحرية عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إعطاء الذهب والورق وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم، قالوا: و ما هو يارسول الله قال ذكر الله عز وجل. وقال الإمام أحمد: حدثنا وكيع حدثنا فرج بن فضالة عن أبي سعد الْحِمْصِيِّ قال سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول دعاء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اجعلني أعظم شكرك وأتبع نصيحتك وأكثر ذكرك وأحفظ وصيتك. وقال النبي: ما من قوم جلسوا مجلسا لم يذكروا الله تعالى فيه إلا رأوه خسرة يوم القيامة. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذكروا الله ذكرا حتى يقول المنافقون إنكم تراؤون. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منه.
والأحاديث في فضائل الذكر كثيرة أعظم من أن تحصى وأجل من أن تستقصى، فبذكر ذلك البعض جدير بأن يستكفي لمن ألقى السمع وأصغى فكان من المفلحين.
فاتقوا الله عباد الله ولازموا ذكر ربكم تسبيحة في الصباح والمساء تنالوا من الله تعالى الرحمة في السراء والضراء وفزتم بدعاء الملائكة لكم والاستغفار وكنتم من جملة الأخيار والأبرار وأخرجكم المولى تبارك وتعالى من الظلمات إلى النور نائلين غدا جنات تجري تحتها الأنهار، وما ذلك إلا رحمة من الله تعالى لأولي الأبصار، الذين يذكرون الله قياما وقعودا ويتفكرون في خلق السموات والأرض، ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار.
عباد الله، فاتقوا الله تعالى واعلموا أن التسبيح عبادة عظيمة وهو من أعمال الأبرار والأخيار من الرسل والملائكة المقربين، الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الأيات والذكر الحكيم وتقبل الله مني ومنكم تلاوته إنه هو السميع العليم.
عباد الله، أوصيكم وإياي بتقوى الله فقد فاز المتقون وأحثكم وإياي على طاعة الله وطاعة رسولكم في كل وقت لعلكم تفلحون، واستغفروا الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات واستغفروه فيا فوز المستغفرين ويا نجاة التائبين.
0 comments:
Post a Comment